(كش بريس/ محمد مروان) ـ
فضيحة امتحان المحاماة وارتباطها بالسيد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، التي ما فتئت تتداولها هذه الأيام مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية، قد أعادت إلى الواجهة ثانية، لدى الرأي العام الوطني قضية محاربة الحكومات السابقة ظاهرة الفساد المستشري في جميع القطاعات دون استثناء بالمغرب، حيث كانت قضية محاربة الفساد مطلبا رئيسيا حين خرجت الجماهير الشعبية في تظاهرات بطرق حضارية إلى الشارع أثناء ميلاد حركة 20 فبراير سنة 2011، وتبنت الدولة هذا المطلب بربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير الشأن العام، ناصة على إلزامية تكريس مبدئه في أحد بنود دستور جديد للملكة المغربية، مما جعل وزارة النقل والتجهيز في حكومة عبد الإله بنكيران درا للرماد في عيون المواطنين وامتصاص غضبهم، تكشف عن لائحة أسماء المستفيدين من المأذونيات ( لكريمات )، يوم الأربعاء 29 فبراير 2012، التي تتوفر ” كش بريس ” على نسخة منها، وهي تضم ( 3681 ) رخصة، تتعلق بحافلات النقل الجهوي للمسافات الطويلة بين المدن، منها : البدائي، والمريح دون معيار موحد، لكن هذه اللائحة لا تشمل أسماء المستفيدين من رخص النقل لسيارات الأجرة الصغيرة، الذين كان عددهم أنذاك ( 75000 ) مأذونية ( أكريمة ) حسب إحصاء 2012، بدعوى أن المانحة لهذه الرخص هي وزارة الداخلية، كما لم تفت الرأي العام في ذات الوقت ملاحظة، تفيد أن حكومة بنكيران قد غضت الطرف عن رخص مأذونيات سيارات الأجرة الكبيرة التي تتنقل بين المدن، حيث كان أغلبها من نوع مرسيديس، وقد أصبحت فيما بعد من نوع داسيا وفوكزفكن، وبيجو، ونيسان، وفياط، كما غضت الطرف على رخص سيارات أجرة صغيرة للبضائع ذات مقصورة لشخصين، ومساحة نقل البضائع بحد أعلى 3 طن من نوع ( هوندا)، نفس الشيء بالنسبة لشاحنات نقل البضائع للخواص، التي تستعمل في نقل مواد البناء أو الأثاث أثناء الرحيل، وحافلات حضرية لنقل الركاب داخل المدن، لها الحق في استغلال بعض الخطوط الحضرية موازاة مع حافلات النقل العمومي، وطائرات هيلكوبتر مروحية سياحية، تستعمل لأغراض التصوير من السماء أو نقل بعض رجال الأعمال، وطائرات أجرة صغيرة بمحركين مروحيين للمجال الوطني فقط، تشمل خمسة مقاعد، وباخرات نقل الركاب على غرار باخرة بلادي، أو باخرة مراكش وكوماناف، ناهيك عن عدم الإفصاح أيضا عن أسماء كبار مسؤولي الدولة المستفيدين من رخص الصيد بأعالي البحار، وأصحاب النفوذ مستغلي مقالع الرمال مناجم الثراء بالمغرب ..، و لوحظ أيضا على هذه اللائحة التي كشفت عليها أنذاك وزارة التجهيز والنقل، أنها غير متكاملة في الوقت الذي لا تشمل فيه سوى صغار المستفيدين من الفنانين والرياضيين، هؤلاء الذين لا يعارض أي مغربي استفادتهم من هذا الامتياز، حيث أن كل واحد منهم لا يكون قد حصل إلا رخصة واحدة، بعدما رفع راية المغرب خفاقة في إحدى مناسبات المحافل الدولية، ليس كمن يلهث من المسؤولين وأصحاب النفوذ وراء الثراء الفاحش بواسطة الريع بدون موجب حق، الذين استطاعوا أن يحصلوا على المئات من رخص النقل كما جاء على لسان سعد الدين العثماني، عندما كان وزيرا للخارجية، عندما صرح في برنامج تلفزيوني : ” أن وزيرا واحدا يتوفر على المئات من رخص النقل، ربما وصلت إلى 500 رخصة “.
وما هذه إلا صورة مصغرة لبؤرة من بؤر الفساد، التي مع مرور الزمن سرعان ما فضحت وجعلت كل الحيل وألاعيب حكومة بنكيران تنكشف، حيث بقي الحال على ما كان عليه بل هو اليوم أفظع من ذلك، حيث أن الكثير من هؤلاء المفسدين يسعون إلى الحصول على جنسية مزدوجة من دول أوروبية كدولة فرنسا، ويقومون بتهريب الملايين بل ملايير الدراهم المحصل عليها من امتيازات مختلف أنواع الريع وكما يقول المثل على : ” على عينيك يا بن عدي “، في الوقت الذي تقوم أجهزة حكومية بدور المتفرج، مثل ما هو الحال بالنسبة للحكومة الحالية التي تبقى مسؤولة أمام الله والتاريخ مادام أن بوسعها محاربة هذا الفساد المستشري في جميع القطاعات بالبلاد، الذي إن أرادت القضاء عليه فإنها تعرف أعشاش دبابيره ؟!