للمرة الثالثة على التوالي؛ يتقدم، بيدرو سانشيث، إلى الشعب الاسباني، بفريق حكومي مصغر؛ تحتل فيه النساء الأغلبية؛ دون أن يثير هذا التوجه حفيظة الرجال، مادام الاحتكام لمعيار الكفاءة وأرصدة النجاحات التي راكمها المرشح للمنصب السامي، في خدمة الدولة.
الوزراء يعرفون مسبقا أنهم محاسبون، خاضعون لرقابات متعددة وصارمة ، من لدن: رئيس الفريق الحكومي، من أحزابهم؛ والأقوى من أولائك وهؤلاء، سلطة الصحافة القوية، التي لا ترحم أي فاسد، أو مشارك في خطيئة الإساءة إلى مصالح الشعب والعبث بالمال العام.
صار من التقاليد المرعية في الحياة السياسية، بإسبانيا أن المخطئ ، إن ضبط وثبت تورطه، فإن العدالة تدينه، دون رأفة؛ يساق بعدها إلى المقصلة السياسية، حيث يتم الإعدام الرمزي.
لقد لطخ الفساد سمعة سياسيين كبارا،من الحزبين الشعبي والاشتراكي ( أغلبية المورطين من الأول، وعناصر جد محدودة من الثاني).
وتقضي أحكام التخليق، أن يؤدي ضريبة الفساد، مرتكبه أولا، ليمتد الأثر العقابي إلى الحزب الذي ينتمي إليه، ما دام قد أخل بثقة الشعب (الفضائح المالية المنسوبة إلى الحزب الشعبي،تسببت في إنهاء الحياة السياسية لمسؤولين كبار من طراز “فيدريكو راطو” النائب الأول ل”خوصي ماريا اثنار” الذي بوأه جورج بوش الابن؛ رئاسة صندوق النقد الدولي ، مكافأة لأثنار، على مشاركة بلاده ، وهو رئيس حكومتها ، فى غزو العراق وترويج أكذوبة أسلحة الدمار الشامل.
في هذا السياق، لم يشدد رئيس الوزراء الإسباني، صباح الأربعاء، في أول اجتماع، على قيم النزاهة لأنها أصبحت مكونا أساسيا في السلوك العام المطلوب، في الفاعل الحزبي. ما ألح عليه سانشيث، هو العمل بتفان، كوسيلة للرد على تشنج المعارضة اليمينية، التي نقلت معركتها القانونية، مع الحكومة اليسارية، إلى البرلمان الاوروبي، ليتدخل من أجل إيقاف اتفاق ” العفو العام” الذي توصل اليه الاشتراكيون مع” القوميين” في إقليم كاتالونيا.
ورغم أن مصادر أوروبية، أوضحت قبل تسلم الشكاية ،أنها لا تتدخل في الخلافات بخصوص التشريعات الوطنية؛ وخاصة تلك المتعلقة بأمور السيادة.
وعموما، فإن اليمين الإسباني، مصر، على إثارة أية معركة، يرىفيها إضعافا لحكومة سانشيث، للتشويش عليها؛ باستغلال تناقضات صغيرة قائمة قطعا، بين الاشتراكيين وحليفهم حزب “سومار” وهي تمس في الغالب، القضايا المجتمعية ,؛ حيث يجتهد كل فريق في الدفاع عن الفئات المتوسطة والضعيفة.
ويظهر، سانشيث، ثقة كبيرة في النفس، منذ البداية، وكذا في المجموعة الوزارية؛ فقد خبر كثيرين منهم، في الولاية السابقة ؛ لذلك سيزور منطقة الشرق الاوسط، حاملا مقترحات سلام، لإنهاء النزاع بين، إسرائيل والفلسطينيين؛ بتبادل الاعتراف بين الطرفين؛ مؤكدا بالتوازي عزم إسبانيا على الاعتراف بدولة فلسطين. وقد سبق لسانشيث، أن أخطر الاتحاد الاوروبي بنيته خلال رئاسته الدورية.
ولا أحد يعرف كم تستمر ولاية الحكومة الاسبانية الحالية؟
المؤكد أنها ستكون صعبة، بكل المعاني، وستتسم المعارك بين اليمين واليسار، بالضراوة واستعمال كل الأسلحة بما فيها تلك المحرمة سياسيا. سيكون اليمين ضاريا، واليسار صامدا، والشعب الإسباني حكما بين الإثنين. لكن التحذير واجب، من شطط الانفصاليين واستفزاز متعمد من جانبهم، لليمين المحافظ، وقد يطال الاستفزاز، الجيش والنظام الملكي.
هنا ستختل قواعد اللعبة الديموقراطية؛ وقد تجد البلاد نفسها في مواجهة أوضا ع جد حرجة .
في كل الاحوال لن يترشح سانشيث، لولاية رابعة ؛ لكن إن أرغمه اليمين، على إجراء انتخابات سابقة لأوانها، في منتصف الولاية الحالية؛ فقد يشجعه أنصاره على تكرار ما لم يفعله زعيم اشتراكي قبله.