‏آخر المستجداتالمجتمع

د محمد عزالدين المعيار الإدريسي يرثي الشيخ عبد السلام نبولسي:

كلمات في حق الراحل الكريم الشيخ عبد السلام نبولسي رحمه الله

استيقظت صبيحة هذا اليوم – ثالث أيام عيد الأضحى – على خبر حزين، جاء يحمل إلي نعي رجل كريم، ربطتني به علاقة حميمة، منذ أكثر من أربعة عقود ، الشيء الذي عكر صفو يومي، وعاد بي إلى ذكريات ظلت راسخة في الذهن والوجدان منذ ذلك الزمان، ومما زادني حزنا و ألما أني كنت قبل أيام قليلة قد عولت على عيادته واستأذنت كريمته في ذلك لكن شاء الله أن لا يتحقق ذلك …

جرت العادة أن يتحدث الطلبةُ عن الشيوخ، كما تشهد لذلك كتب المعاجم و المشيخات والبرامج والفهارس ، أما أن يتكلم الشيوخُ عن التلاميذ فغير مألوف و إذا حدث فإنما يأتي عرضا في هذه المصنفات، أو في تراجم الشيوخ الخاصة، و سيرهم الذاتية

ترجع صلتي بالراحل الكريم إلى أوائل ثمانينيات القرن الماضي، عقب تعييني أستاذا بكلية اللغة العربية بمراكش

كنت يومها أصغر أساتذة الكلية سنا، إلى جانب شيوخنا الكبار العلامة العميد الرحالي الفاروق والعلماء: المهدي حاتم و عبد السلام جبران و محمد عماد الدين وعمر الخلوفي ومولاي الطيب المريني و محمد البراوي والمهدي الوافي وغيرهم ، كما كان في الوقت ذاته أكثر الطلبة أكبر سنا مني، خصوصا من الموظفين الذين انتسبوا الى الكلية لمتابعة دراستهم الجامعية وكان بعضهم من رجال التربية و التعليم الأكفاء، من بينهم الراحل الشيخ عبد السلام نبولسي الذي اختارني للإشراف على بحثه في الإجازة ، و أخوه السيد عبد الكريم ، كان الأول يعمل مديرا لمدرسة ابتدائية بدائرة العطاوية ، بإقليم قلعة السراغنة، و كان الثاني يعمل معلما معه في نفس المدرسة

كان الأستاذ عبد السلام نبولسي – فيما نحسب – من عباد الله الصالحين، حييا متواضعا كريما، حافظا لكتاب الله، معتنيا بعلومه، متحليا باخلاقه، متفانيا في خدمته، في نكران ذات، استطاع أن يكون مكتبة علمية نفيسة، تعد من أهم المكتبات المراكشية الخاصة، وأنجب أبناء نابهين ، يأتي في طليعتهم الشيخ العلامة الدكتور عبد الرحيم و الشيخ عبد الفتاح والأستاذة فاطمة الزهراء .

هذه الأسرة الكريمة هي إحدى ثلاث أسر أو أربع، كتب الله لي شرف معرفتهم، وأكرمني بوصل رحم العلم بيني وبينهم، فكان من طلبتي بالكلية بعد الوالد الشيخ عبد السلام والعم السيد الكريم: الشيخ الدكتور عبد الرحيم الذي شق طريقه بكل ثبات، فبلغ قمة ما تمناه، والأستاذة فاطمة الزهراء التي ادخر الله لي أن أكون سببا في إدماجها في الحياة العلمية وإخراجها من البيت بعد سنوات من الغياب …

ظل الفقيد يمارس مهمة الوعظ التابع للمجلس العلمي المحلي لمراكش إلى آخر حياته رحمه الله ، كما قام بموازاة مع ذلك في فترات بالتطوع لتدريس بعض المواد العلمية كالقراءات والنحو لعدد من المستفيدين و المستفيدات …

تغمد الله الفقيد الكريم بواسع الرحمة والرضوان، و أسكنه فسيح الجنان مع النبيئين والصديقين و الشهداء و الصالحين، و رزق أفراد أسرته الكريمة الصبر الجميل و في مقدمتهم عميد الأسرة الشيخ عبد الرحيم وكل الأصهار و الأصدقاء

لله ما أخذ وله ما أعطى { إنا لله و إنا إليه راجعون }

‏مقالات ذات صلة

Back to top button