عادت رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، لضبط إيقاع حضورها في المشهد الجماعي المحلي للمدينة الحمراء، بعد غياب متواتر تفسره أوساط مقربة من مربعها، إلى تعدد مسؤولياتها الحزبية والحكومية.
وخلال الأسبوع الذي ودعناه، شاركت المنصوري، خلال يومين متتاليين، الإثنين 13 و الثلاثاء 14 من ماي الجاري، في ثلاثة أنشطة مختلفة، الأول يتعلق بزيارتها رفقة والي الجهة فريد شوراق لأوراش إعادة تأهيل المنطقة الصناعية سيدي غانم بمراكش، من أجل التتبع والاطلاع الميداني على سير الأشغال ودرجة تقدمها، وفي نفس اليوم التقت برؤساء المقاطعات الخمس المكوّنة للمجال الترابي لمدينة مراكش. أما اليوم الثاني، فقد ترأست فيه أشغال الجلسة الثانية من الدورة العادية لمجلس جماعة مراكش برسم شهر مايو 2024، بعد أن مرت الجلسة الأولى يوم الأربعاء 7 ماي في ظروف وصفتها مصادر مطلعة، أنها “شابتها تشنجات” بين مكونات المجلس، وانقسامات بين الأغلبية المسيرة، سنخصص لها حيزا ليس هذا مقامها.
فاطمة الزهراء المنصوري، التي بدت خلال تسييرها لأشغال الجلسة إياها، واثقة الخطو ، تحاول استدعاء طاقتها لاقتحام أحوال ووضعيات المجلس، وشخوصه الذين لا يكادون يستوثقون من مواقعهم التي انتخبوا لأجل تمثيلها والدفاع عن قضاياها وحاجياتها. كانت بحاجة إلى تصحيح وإضافة وتوضيح العديد من الأمور التي لاكتها الألسن وتضخمت بشكل ملفت، لدرجة انحدارها إلى الشك وسوء الفهم.
ولعل المتتبع للشأن المحلي بمراكش، خلال الشهور القليلة الماضية، سيستنتج بسهولة كيف يمكن للعوام أن يتلقوا أخبارا تتلاقح فيها، مشاكل المدينة وتدهور بنياتها التحتية مع ما يرافق ذلك من غلاء المعيشة وانتشار حزام الفقر وتهميش الكفاءات وارتفاع مؤشر البطالة بين الشباب. وفي ضوء هذه الهموم كلها، ستعلو سطح التسيير الجماعي، ملفات مثيرة للتساؤل والاستغراب، كملف تفويت المجلس لقطعة أرضية تم تقدير مساحتها من طرف المدير الجهوي لأملاك الدولة بما قدره 1700 متر مربع منتمية للرسم العقاري عدد 2574/م الكائنة بالحي الشتوي، بمقابل رمزي؟ وملف إدانة مستشار جماعي ينتمي لنفس حزب رئيسة المجلس، في قضية فساد مالي ؟. بالإضافة إلى البطء الشديد الذي تعرفه عملية تهييء المدينة وإصلاح بناها التحتية، والاختناق الشديد الذي تعرفه جنبات ساحة جامع الفنا ومحيطها، مع تغول أصحاب المحلات الخاصة لركن السيارات، الذين لا يلتزمون بالقوانين المنظمة للقطاع والمرتبطة أساسا بتسعيرة المرفق…إلخ.
ثم إن الغياب المتواصل للسيدة العمدة، خصوصا في تتبع ومراقبة أشغال المجلس وعملياته اليومية ، ومعظم مشاريعه التي تعاني الضمور والتيهان، أفرد جزءا كبيرا من حالة الشرود الذي تعانيه مكونات المجلس، كمكون أساس لجملة من الانتقادات الموجهة، حتى من أقرب المقربين، الذين ينافقون ويعودون لحالهم، كأنهم يدورون في دائرة مغلقة، ولا يتورعون في الدود عن المصالح الشخصية، والهتاف لأولي الأمر مهما كان الثمن..
ومهما يكن، فانصرام نصف ولاية التسيير الجماعي، سيسائل المجلس تاريخيا وأخلاقيا، وسيكون من العسير أن يبقى بعض دعاة الإعلام، البعيدين عن وظائفهم، والممارسين التقية واللعب على الحبال، في منأى عن التحولات التي يعرفها بلدنا بشكل عام. إذ من المفروض أن تتشكل راهنا، طفرة وعي بالمسار الذي تنحوه المملكة، التي تتوجه بشكل سريع إلى تحويل واجهة الاستثمار في مجال السياحة والرياضة (كأس العالم المشترك)، من مجرد مستقبل استهلاكي محدود القيمة والنتائج إلى دافع استشرافي طموح ومتذاكي.
فهل تستدرك رئيسة المجلس الجماعي، هذه الاستشرافات، وتحاول إدماج تحولات القيمة الاعتبارية لمدينة عالمية مثل مراكش، إلى برامج المملكة ومشاريعها الصاعدة؟