‏آخر المستجداتأ‏حداث

الاحتجاج السلمي بين الحق والواجب: قراءة في تدوينة مصطفى الرميد

(كش بريس/ التحرير)ـ

يشير وزير العدل السابق مصطفى الرميد في تدوينته الأخيرة إلى التوازن الدقيق بين حق المواطنين في الاحتجاج السلمي وواجب الحكومة في الاستجابة لمطالبهم. يؤكد الرميد أن المغرب، رغم تحقيقه إنجازات متعددة، ما زال يواجه مشكلات كبيرة في قطاعات حيوية، ما يبرر احتجاج الشباب المطالب بالحقوق الأساسية كالحق في الصحة والتعليم. ويعتبر أن الاحتجاجات السلمية ليست مجرد ممارسة مدنية، بل مؤشر على حيوية الشباب وطموحهم في التعبير عن صوتهم، وعلى أهمية وجود قنوات للحوار بين الحكومة والمجتمع المدني.

من الناحية المنطقية، تقوم تدوينة الرميد على ثلاثة مستويات:

  1. حقوق المواطنين ومسؤوليات الدولة: يوضح الرميد أن الحق في الاحتجاج السلمي يجب أن يقابله التزام حكومي بالاستماع، والفهم، وتقديم أجوبة مقنعة، بما يعزز الثقة ويكشف الاختلالات ويعمل على تجاوز الخصاصات البنيوية. هذه العلاقة بين المطالبة بالحقوق واستجابة الدولة تشكل أساسًا للحياة الديمقراطية الصحية.
  2. الانزلاق إلى العنف: يشير الرميد إلى خطورة توسع مظاهر العنف، حتى لو بدأت محدودة، موضحًا أن الاحتكاك الميداني بين الشباب وعناصر الأمن قد يؤدي أحيانًا إلى ممارسات لم يقصدها أي طرف، لكنها تشوه الاحتجاج السلمي. هنا يقدم رميد تحليلاً دقيقًا للمعضلة: القوات الأمنية ملزمة بالمرونة وتفادي القوة، بينما شباب محتج يحاول الدفاع عن أهداف نبيلة، لكن وجود عناصر عنيفة داخل صفوفه يؤدي إلى خروج الوضع عن السيطرة.
  3. واجب ضبط الذات والمسؤولية الحكومية: من المنطق السياسي للرميد أن على الشباب منع أي تجاوزات داخل صفوفهم، كما يجب على الحكومة تقديم حلول واضحة ومباشرة، وفتح حوار إعلامي مباشر بعيدًا عن لغة الخشب، لاحتواء الأزمة قبل أن تتحول إلى مواجهات مؤسفة. هذه القراءة تربط بين المسؤولية الفردية للشباب والمسؤولية الجماعية للحكومة، باعتبار كلا الطرفين عناصر حاسمة في الحفاظ على سلمية الاحتجاج واستقرار البلاد.

تدوينة الرميد تكشف عن رؤية متوازنة، الحق في التعبير يجب أن يقابله واجب الاستجابة، والعنف مهما بدا محدودًا له آثار مقلقة، والتجاوزات الفردية في الاحتجاجات تهدد أهدافها المشروعة. كما يؤكد أن الحلول متاحة، لكنها تتطلب وضوح الرؤية الحكومية، ومسؤولية الشباب في ضبط انضباط احتجاجاتهم، وإقامة حوار مباشر يترجم المطالب الشعبية إلى إجراءات ملموسة.

إن الرسالة الأساسية للرميد هي دعوة لضبط الاحتجاجات وضبط الذات، مقابل حوار مسؤول ومباشر من الحكومة، مع الحفاظ على الحقوق الأساسية، وتجنب تكرار المواجهات التي تؤدي إلى خسائر وإصابات وتعمق الشعور بالإحباط الشعبي. التوازن بين الحق والواجب، بين المطالبة بالحقوق والمسؤولية الحكومية، يشكل جوهر الديمقراطية الحية، وفق ما يرصده الرميد في تدوينته.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button