
ـ “إنجاد” و”حقوق النساء” تدقان ناقوس الخطر: العنف الرقمي يتربص بالمغربيات ـ
أبدت فيدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة إنجاد ضد عنف النوع قلقاً بالغاً إزاء تصاعد ظاهرة التشهير والعنف الرقمي ضد النساء في المغرب، وذلك في أعقاب الحملة الأخيرة التي استهدفت ممثلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعدد من المنابر الإعلامية الإلكترونية.
وأكدت الهيئتان في بلاغ مشترك أن هذه الممارسات تمثل خرقاً صريحاً لحقوق أساسية مثل الكرامة، وقرينة البراءة، والحياة الخاصة، كما أنها تعكس استمرار التمييز القائم على النوع الاجتماعي، حيث يُستهدف النساء بشكل خاص دون إنصاف أو مراعاة لوجود أطراف أخرى في النزاعات القضائية أو الشخصية.
ورغم أن التشهير والمس بالحياة الخاصة يجرّمهما القانون المغربي، إلا أن هذه النصوص القانونية لا تُطبق بشكل فعال، وفق ما يؤكده نشطاء حقوقيون، الذين يعزون ذلك إلى غياب ردع قضائي حقيقي، في ظل التوسع السريع لممارسات التشهير عبر المنصات الرقمية والصحافة الإلكترونية.
وطالبت الفيدرالية والشبكة بضرورة احترام أخلاقيات المهنة الصحفية وتفادي التغطيات التي تكرس التمييز أو تمس الحياة الخاصة، إلى جانب مراجعة شاملة للقانون الجنائي لجعله منسجماً مع الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية، بما يضمن الحريات الفردية والجماعية ويحمي النساء من مختلف أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي.وفي السنوات الأخيرة، تزايدت بشكل لافت حملات التشهير الرقمية، التي طالت سياسيين وناشطين وفنانين، لكنها كانت أشد وطأة على النساء، إذ غالباً ما يتم تجريمهن اجتماعياً لمجرد كونهن نساء، الأمر الذي أثار موجة احتجاجات حقوقية تطالب الدولة بتفعيل القوانين القائمة وتعزيز آليات الحماية الرقمية.
يسلط بلاغ المنظمتين النسويتين الضوء على معركة مفتوحة بين النص القانوني والممارسة الواقعية. فرغم وجود قوانين تجرم التشهير، فإن ضعف التطبيق يجعل النساء أكثر عرضة للعنف الرقمي، مما يضع المغرب أمام تحدي الملاءمة بين نصوصه الدستورية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها.
وبإشارته إلى البعد الاجتماعي، فإن العنف الرقمي ضد النساء ليس مجرد إساءة فردية، بل هو انعكاس لثقافة اجتماعية تكرّس التمييز المبني على النوع. فالمرأة تُستهدف في حياتها الخاصة أكثر من الرجل، ما يعكس اختلالاً في التصورات المجتمعية حول الأدوار والقيم الأخلاقية.
فيما يبرز البعد الإعلامي، كدور بعض المنابر الصحفية والإعلامية في تضخيم أو تأجيج حملات التشهير يطرح إشكالية أخلاقية عميقة. إذ يُفترض أن تكون الصحافة أداة لحماية الحقوق وكشف الانتهاكات، لكنها تتحول أحياناً إلى أداة لإعادة إنتاج العنف ضد النساء.
أما البعد السياسي والقانوني، فيتعلق حسب المنظمتين، بضعف الردع القضائي يثير تساؤلات حول إرادة الدولة في حماية الفضاء الرقمي وضبطه. الإصلاح القانوني لوحده غير كافٍ، بل يجب أن يوازيه تفعيل عملي للأجهزة القضائية والأمنية مع توفير حماية للضحايا.
إن ما دعت إليه المنظمتان يتجاوز الإطار الحقوقي ليشكل مطلباً إصلاحياً شاملاً، إذ يتطلب الأمر استراتيجية وطنية للتصدي للعنف الرقمي، تشمل تحديث القوانين، التكوين في المجال الرقمي للسلطات، وتغيير العقليات المجتمعية عبر التربية والإعلام.