‏آخر المستجدات‏تكنولوجيا و ميديا

الجيل الخامس يشعل المنافسة بين فاعلي الاتصالات ويفتح الاقتصاد على المستقبل

(كش بريس/التحرير)ـ في خطوة وُصفت بالتحول الرقمي الأكبر منذ عقدين، دشّن فاعلو الاتصالات الثلاثة بالمغرب — اتصالات المغرب، أورنج المغرب، وإنوي، الإطلاق الرسمي لشبكة الجيل الخامس (5G)، فاتحين بذلك فصلاً جديداً في بنية الاقتصاد الرقمي الوطني، ومؤشرين على دخول المملكة مرحلة متقدمة من التنافسية التكنولوجية والاتصالية.

التحول من البنية التقليدية إلى الاقتصاد الذكي

تمثل هذه الخطوة تتويجاً لمسار طويل من الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتعبيراً عن إرادة سياسية واقتصادية لتسريع التحول نحو اقتصاد المعرفة. فشبكة الجيل الخامس لا تُعد مجرد نقلة في سرعة الاتصال (تتجاوز 2 جيغابايت في الثانية)، بل تشكّل ركيزة للبنية التحتية الصناعية والمالية الجديدة، التي ستدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والمدن الذكية، والأنظمة المتصلة.

من الاتصالات إلى المنظومات الإنتاجية

تفتح “5G” آفاقاً غير مسبوقة أمام القطاعات الإنتاجية والخدماتية في المغرب. فبالنسبة للمقاولات الصناعية، تمثل هذه التقنية ثورة في نماذج العمل والإنتاج من خلال ما يعرف بـ الصناعة الذكية 4.0، التي تقوم على الربط بين الآلات والبيانات في الزمن الحقيقي، بما يمكّن من تحسين الكفاءة وخفض الكلفة وتحسين التنافسية.

وفي المجال الصحي، تتيح التقنية فرصاً للتطبيب عن بُعد، والمراقبة الذكية للمعدات الطبية، ونقل البيانات الصحية بسرعة فائقة. أما في التعليم، فتوفر بيئة للتعلم التفاعلي والبث عالي الجودة والمختبرات الافتراضية.

توازن السوق ومحددات المنافسة

ورغم إطلاق الشركات الثلاث خدماتها في التوقيت ذاته، فإن المعادلة الاتصالية والاقتصادية مرشحة لمزيد من التفاعل. فقد أعلنت “أورنج المغرب” عن تغطية تشمل أكثر من مئة مدينة منذ اليوم الأول، ما يعكس سباقاً محموماً على الريادة السوقية، في حين ركّزت “إنوي” على المجانية الفورية للخدمة ضمن العروض الحالية، بينما راهنت “اتصالات المغرب” على استقرار شبكتها وجودة بنيتها التحتية.

هذا التنافس الموزون يُنتظر أن ينعكس إيجاباً على المستهلكين، عبر تحسين جودة الخدمات وتخفيض الأسعار تدريجياً، كما سيخلق دينامية جديدة في سوق المحتوى الرقمي والخدمات المبتكرة.

إطار تنظيمي داعم ورؤية وطنية رقمية

يأتي الإطلاق بعد مصادقة الحكومة على النصوص القانونية المنظمة لتراخيص الجيل الخامس، في سياق رؤية وطنية طموحة تستهدف تموقع المغرب ضمن الاقتصادات الرقمية الصاعدة. هذه الرؤية تسعى إلى جعل الرقمنة محركاً للنمو ومجالاً لجذب الاستثمار الأجنبي، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا المالية، واللوجستيك الذكي، والذكاء الاصطناعي التطبيقي.

نحو عقد رقمي جديد

بهذا الإطلاق، يكون المغرب قد دخل فعلياً زمن “السرعة الاقتصادية الفائقة”، حيث لم تعد الاتصالات مجرد وسيلة تقنية، بل محدداً بنيوياً في تموقع الدولة داخل خريطة العولمة الرقمية. إن شبكة الجيل الخامس ليست فقط استثماراً في المستقبل التكنولوجي، بل في التحول الاجتماعي والمعرفي الذي يعيد تشكيل علاقة المواطن بالزمن، والمعرفة، والإنتاج.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button