
ـ موجة عنف عالمية بلا انحسار ـ
كشفت أحدث بيانات الأمم المتحدة عن استمرار واقع قاتم يطوق النساء في مختلف أنحاء العالم، إذ أظهرت المعطيات أن 137 امرأة وفتاة يُقتلن يوميًا على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة، في مؤشر فاضح على أن جريمة قتل الإناث ما تزال مستمرة بوتيرة مرتفعة دون تسجيل أي تحول إيجابي ملموس.
أرقام صادمة: 83 ألف ضحية في عام واحد
يوضح التقرير الأممي المشترك بين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، والصادر بالتزامن مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، أن عدد النساء اللواتي قُتلن عمدا خلال السنة الماضية بلغ 83 ألف ضحية.
وتكشف التفاصيل أن 60 في المائة من تلك الجرائم، أي نحو 50 ألف امرأة وفتاة، ارتُكبت داخل دائرة العلاقات الأسرية أو العاطفية، بما يعادل في المعدل 137 حالة قتل يوميًا.
في المقابل، لم تتجاوز نسبة القتل الموجَّه ضد الذكور داخل الإطار الأسري أو العاطفي 11 في المائة، ما يبرز اختلالًا عميقًا في طبيعة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
القتل ليس مفاجئًا: سلسلة عنف تتصاعد
تؤكد سارة هندريكس، مديرة قسم السياسات في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن قتل النساء لا يهبط فجأة من فراغ، بل يشكّل عادةً محطة أخيرة في مسار طويل من العنف المتراكم، يبدأ بالتحكم والتهديد والمراقبة المستمرة، ويمتد إلى أشكال من المضايقة قد تأخذ طابعًا رقميًا مع تطور التكنولوجيا.
العنف الرقمي… وقودٌ ينفجر خارج الشاشات
تلفت هندريكس إلى أن حملة “16 يوما من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي” تركّز هذا العام على الطابع المتعدي للعنف الرقمي، باعتباره لا يقف عند حدود الفضاء الافتراضي، بل قد يتصاعد إلى أشكال عنف مادي مباشر، وصولًا إلى القتل.
ومن هنا، تؤكد أن حماية النساء تقتضي أنظمة تدخل مبكر وقوانين أكثر وعيًا بالطريقة التي يتجلى بها العنف في الواقعين الرقمي والمادي معًا، حتى يتم احتواء الخطر قبل بلوغه نقطة اللاعودة.
المنزل… أحد أخطر الأمكنة على النساء
من جهته، يعتبر جون براندولينو، المدير التنفيذي بالنيابة لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن نتائج التقرير تمثل “جرس إنذار” بشأن قصور السياسات الوقائية وضعف استجابة العدالة الجنائية.
وشدد على أن المنزل ذاته، الذي يُفترض أن يكون فضاءً للأمان، يتحول بالنسبة لكثير من النساء والفتيات إلى مكان خطير، وربما قاتل، في غياب حماية فعّالة وآليات رصد مبكر.
سياق عالمي متجدد للحملة الأممية
تُختتم التقارير بالتذكير بانطلاق حملة “16 يوما من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي” في 25 نونبر، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، على أن تستمر فعالياتها حتى 10 دجنبر، المصادف ليوم حقوق الإنسان، في رسالة دولية مفادها أن حماية النساء ليست مجرد شعار ظرفي، بل معركة حقوقية ممتدة تستلزم إرادة سياسية، وحضورًا مؤسساتيًا، ووعيًا مجتمعيًا متناميًا.





