‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

القطاع الصحي بين عجز السياسة وتضحية المهنيين

(كش بريس/ التحرير)ـ في سياق التوتر الذي يعيشه قطاع الصحة بالمغرب، عقد التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة اجتماعا، أول أمس الأربعاء، مع وزير الصحة والحماية الاجتماعية ومساعديه، في إطار متابعة تنفيذ ما تبقى من اتفاق 23 يوليوز المبرم بين الطرفين. غير أن اللقاء، الذي كان من المفترض أن يكرّس مسارا تفاوضيا هادئا، انعقد على وقع تصاعد الاحتقان المهني، عقب قرارات توقيف عدد من الأطر الصحية بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، وما رافقها من جدل واسع حول مسؤولية تردي الخدمات الصحية.

وفي بلاغ شديد اللهجة، حمّل التنسيق النقابي الحكومة المسؤولية المباشرة عن الاختلالات البنيوية التي تنخر المنظومة الصحية منذ سنوات، معتبرا أن تحميل الشغيلة الصحية تبعات الفشل “ليس سوى محاولة بائسة لإخفاء العطب الهيكلي المتراكم”. وذكّر البلاغ بأن القطاع يعاني من عجز مزمن في الموارد البشرية، وضعف في الميزانية، واهتراء في البنيات التحتية، إضافة إلى غياب التجهيزات والأدوية الضرورية، وبيئة عمل “تفتقر إلى أبسط شروط الكرامة المهنية والحكامة الرشيدة”.

وانتقد التنسيق ما وصفه بـ”الأسلوب التشهيري” الذي لجأت إليه وزارة الصحة بإصدار بلاغ رسمي حول توقيف مهنيين وإحالة تقارير على القضاء، معتبرا أن ذلك “مناورة لذرّ الرماد في العيون” وتقديم أكباش فداء لتغطية فشل السياسات العمومية في تدبير القطاع. كما تساءل عن “صمت المفتشية العامة للوزارة” إزاء مظاهر الفساد المتراكمة في مختلف الجهات، واكتفائها بالتحرك “عندما يراد بناء سردية اتهام جاهزة ضد الأطر الصحية”.

وأكد البلاغ أن استمرار الوفيات داخل المستشفى الجهوي ذاته بعد توقيف المهنيين “أكبر دليل على أن الخلل ليس في الأفراد، بل في النظام الصحي برمته”، داعيا الحكومة إلى تبني إصلاح جذري وشامل يستند إلى إرادة سياسية واضحة، ويوازن بين حقوق المواطنين في خدمات صحية لائقة وحقوق المهنيين في شروط عمل عادلة ومحفزة.

كما شدد التنسيق على ضرورة الإسراع بـإخراج مصنف الأعمال المهنية لتحديد دقيق للمسؤوليات والاختصاصات، ووضع إطار قانوني واضح للنقل الصحي وتنظيم جميع المهن الصحية بقوانين وهيئات مهنية مستقلة، تجنبا لتكرار المآسي التي يشهدها القطاع.

واختتم البلاغ بالتأكيد على أن “أي حديث عن الإصلاح لا يمكن أن يكون ذا معنى دون ربط فعلي للمسؤولية بالمحاسبة”، محذرا من أن الاستمرار في تسييس الأزمات وتوزيع الاتهامات المجانية لن يؤدي إلا إلى مزيد من فقدان الثقة داخل الجسم الصحي. كما أعلن عزمه اتخاذ كل الخطوات النضالية المشروعة للدفاع عن مهنيي الصحة، وصون كرامتهم من أي محاولة لتحميلهم وزر إخفاقات المنظومة بأكملها.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button