‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

المجلس الاقتصادي: وضوح الاختصاصات مدخل لحكامة ترابية فعّالة

(كش بريس/ التحرير)ـ دقّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ناقوس الحاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاح الترابي بالمغرب، منبهاً إلى أن غياب الوضوح في توزيع الاختصاصات بين الدولة والجهات والجماعات الترابية بات يشكل عائقاً بنيوياً أمام تحقيق التنمية المتوازنة التي تقوم على مبادئ العدالة المجالية والفعالية المؤسساتية.

في رأيه الاستشاري الأخير، شدد المجلس على أن تعدد النصوص القانونية وتداخل الصلاحيات أفرزا نوعاً من “الغموض المؤسساتي” انعكس سلباً على تنفيذ البرامج التنموية وعلى التنسيق بين الفاعلين الترابيين، مما أضعف أثر الجهوية المتقدمة التي كان يُراد لها أن تكون رافعة أساسية للحكامة والتنمية المستدامة.

ورغم مرور سنوات على دخول القوانين التنظيمية الثلاثة المتعلقة بالجماعات الترابية حيّز التنفيذ، فإن المجلس يسجل استمرار تبعية الجماعات الترابية للإدارة المركزية في مجالات التمويل والتدبير البشري وصنع القرار، وهو ما يجعل اللامركزية، في نظره، “مشروعاً مؤجلاً” أكثر منها واقعاً فعلياً.

وانطلاقاً من مبادئ الدستور الجديد والنموذج التنموي المحدث، دعا المجلس إلى مراجعة القوانين التنظيمية لتوضيح مجالات التدخل بين المستويات الترابية الثلاثة (الجهة، الإقليم، الجماعة)، وتحديد العلاقة بوضوح بين المصالح اللاممركزة للدولة والجماعات الترابية على قاعدة التكامل لا التداخل.

كما شدد على ضرورة إعطاء مضمون عملي لمكانة الجهة كفاعل مركزي في التنمية من خلال آليات تنسيق واضحة بين الولاة ورؤساء الجهات، بما يضمن الالتقائية بين البرامج القطاعية والمشاريع الجهوية.

واقترح المجلس إصلاحاً شاملاً لمنظومة التمويل المحلي، يرتكز على توزيع منصف للموارد وتعزيز المداخيل الذاتية عبر تبسيط الجبايات، إلى جانب تشجيع التعاون الدولي واللامركزي كرافعة تمويلية جديدة.

وفي جانب آخر، نبّه التقرير إلى أن استمرار الالتباس القانوني وضعف آليات التقييم المستقل يفرغان ورش الجهوية المتقدمة من محتواه العملي، داعياً إلى الانتقال من منطق “النصوص والتصريحات” إلى منطق التفعيل الميداني القائم على تحديد المسؤوليات، وتوفير الموارد، وضمان التنسيق المؤسسي.

ويخلص المجلس إلى أن توضيح الاختصاصات وتفعيل اللامركزية المالية والإدارية يشكلان الركيزة الحقيقية لأي تحول ترابي ناجح، وأن الحكامة الترابية ليست شعاراً مؤسساتياً بقدر ما هي مدخل لتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية التي نصّ عليها النموذج التنموي الجديد.

يذكّر المجلس بأن زمن الإصلاحات الشكلية قد انتهى، وأن المرحلة الراهنة تستدعي شجاعة مؤسساتية في تنزيل الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي لبناء مغرب متوازن في مجالاته، متكامل في سياساته، ومنصف في توزيع ثرواته.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button