‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

المغرب بين مشاريع المستقبل وتحديات الحاضر: قراءة في صورة المملكة في الإعلام الدولي

(كش بريس/ التحرير)ـ

يعيش المغرب لحظة تاريخية فارقة تجمع بين طموحٍ تنموي هائل وتحديات اجتماعية وحقوقية لا تقلّ خطورة، وهو ما جعل كبريات الصحف الدولية – من رويترز وبي بي سي إلى لوموند وإلباييس – تخصص مساحات متزايدة لرصد ديناميات هذا البلد الذي يمزج بين الاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي من جهة، وضغوط الإصلاح الاجتماعي من جهة أخرى.

1. زلزال الحوز: ذاكرة جرح لم يلتئم

بعد مرور أكثر من عامين على الزلزال الذي دمّر مناطق شاسعة من جبال الحوز والريف، لا تزال معاناة آلاف الأسر النازحة حاضرة بقوة في تقارير رويترز والغارديان. فبينما يوجّه الناجون انتقادات للحكومة بسبب بطء إعادة الإعمار، يتزامن ذلك مع استثمارات ضخمة في البنى التحتية استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030 وكأس إفريقيا 2025. هذا التباين بين “كرة القدم والبيوت المهدمة” صار رمزاً لسؤال أعمق حول أولويات الدولة: أيهما أكثر إلحاحاً، التنمية الرمزية أم الإنقاذ الاجتماعي؟

2. حرية التعبير في مرمى الجدل

ملفات حقوق الإنسان تعود إلى الواجهة مع محاكمات تطال ناشطين وناشطات، أبرزها قضية إبتسام لشكر التي حكم عليها بالسجن بسبب منشورات وصورة اعتُبرت مسيئة للمقدسات. منظمات مثل هيومن رايتس ووتش تنبّه إلى تضييق متزايد على الجمعيات المستقلة، فيما ترى الحكومة أن القوانين الحالية تحمي “الثوابت الوطنية”.
هذا الصراع يضع المغرب أمام معادلة صعبة: الحفاظ على استقراره القيمي والديني، وفي الوقت نفسه مواكبة معايير حرية التعبير التي تنتظرها منه العواصم الغربية التي تراهن على شراكاته الاقتصادية والأمنية.

3. أمن صلب في محيط هش

في المقابل، يشيد الإعلام الدولي – خاصة رويترز – بقدرة الأجهزة الأمنية المغربية على تفكيك خلايا مرتبطة بـ“داعش” قبل تنفيذ هجمات إرهابية، وهو ما يعزّز صورة المملكة كركيزة أمنية في منطقة الساحل والصحراء.
لكن هذا النجاح الأمني لا ينفصل عن التحدي الإقليمي: الحدود الطويلة مع الجزائر ومنطقة الساحل تعني أن المغرب مضطر دائماً إلى التوازن بين يقظة دائمة وحفاظ على مناخ الاستثمار والسياحة.

4. الصحراء المغربية: دبلوماسية الاعتراف

يبقى ملف الصحراء المغربية هو الورقة الجيوسياسية الأهم. اعتراف فرنسا مؤخرًا بخطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مثّل نقطة تحوّل بارزة، تزامناً مع دعم إسباني وأمريكي متزايد. غير أن ذلك زاد من حدة التوتر مع الجزائر وجبهة البوليساريو، ما يعيد فتح ملف العلاقات المغاربية وأفق الحل السياسي.
هنا يظهر المغرب كفاعل إقليمي يحسن اللعب بأوراق الطاقة والهجرة والشراكات الاقتصادية ليكسب مواقف داعمة في أوروبا.

5. سباق المشاريع العملاقة

في موازاة هذه التحديات، يمضي المغرب في إطلاق مشاريع بنية تحتية طموحة، مثل القطار فائق السرعة الجديد الذي سيربط طنجة بمراكش. مثل هذه المشاريع تحظى بإشادة صحف اقتصادية عالمية لأنها تعكس قدرة الدولة على جذب التمويل الدولي وتحريك قطاعات السياحة والنقل.
غير أن الأسئلة نفسها تعود: كيف يمكن لهذه الطفرات أن تخدم القرى النائية والمناطق التي لا تزال تفتقر إلى مدارس ومستشفيات؟

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button