
(كش بريس/التحرير)ـ حلّ المغرب في المركز السادس عالميا ضمن مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2026، ليصبح أحد أبرز الدول تقدما في التصنيف الصادر عن “جيرمان ووتش” ومعهد المناخ الجديد وشبكة العمل المناخي. وجاء هذا الترتيب في ظل بقاء المراتب الثلاث الأولى شاغرة كعادتها لغياب أي دولة تحقق أداء “مثاليا”، فيما تصدّرت الدنمارك وإستونيا والمغرب فئة الأداء المرتفع، مع تقدم المملكة مركزين مقارنة بالعام الماضي.
وفي المقابل، يبرز التقرير الدول الأكثر تراجعا، حيث احتلت كازاخستان المرتبة الأخيرة، تلتها كوريا الجنوبية ثم الولايات المتحدة رغم إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية.
وعلى صعيد المؤشرات الفرعية، جاء المغرب سادساً عالمياً في فئة انبعاثات الغازات الدفيئة بتقييم “مرتفع”، مستفيدا من انخفاض انبعاثات الفرد، ومسارها العام، ومواءمتها مع هدف 1.5 درجة، إضافة إلى قوة الهدف الوطني لعام 2030. ويذكّر التقرير بأن تجاوز الاحترار العالمي سقف 1.5 درجة سيقود إلى مخاطر كارثية تشمل موجات الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع البحار وانهيار الأنظمة البيئية.
كما حلّ المغرب ثامناً عالميا في فئة استخدام الطاقة، مسجلا أداء “مرتفعا” بفضل استهلاك منخفض للفرد ومواءمة جيدة مع مسار 1.5 درجة، رغم استمرار ضعف وتيرة خفض الاستهلاك. وفي فئة السياسة المناخية، حافظ على المركز السادس عالميا بتقييم “مرتفع” وطنيا و“متوسط” دوليا، ليتموضع إلى جانب دول رائدة مثل الدنمارك والبرازيل والمملكة المتحدة والصين، مع الإشادة بدعمه الواسع للطاقة الشمسية الكهروضوئية.
غير أن فئة الطاقة المتجددة تشكل نقطة ضعف رئيسية، إذ حلّ المغرب في المرتبة 46 بتقييم “منخفض” في جميع عناصرها، ما يعكس محدودية التوسع السريع في القدرات المتجددة مقارنة بالمسار العالمي.
ويضع التقرير أداء المغرب ضمن سياق دولي شديد التعقيد، إذ ما يزال العالم بعيدا عن مسار 1.5 درجة رغم النمو القوي للطاقات المتجددة، في وقت تتعثر فيه اقتصادات كبرى داخل مجموعة العشرين في التخلص من الوقود الأحفوري. وضمن هذا الإطار، تبدو النجاحات المغربية أكثر بروزا، خاصة بعد تحديث المساهمة الوطنية عام 2025، الذي رفع سقف الطموح بخفض الانبعاثات بنسبة 21.6 في المئة دون شروط، و53 في المئة بشروط بحلول 2035.
كما يعزز قرار التخلص من الفحم بحلول 2040 الثقة في مسار التحول الطاقي، بالنظر إلى الأثر الكبير لهذه الخطوة على خفض الانبعاثات عالمياً. لكن التقرير يشير في المقابل إلى استمرار دعم أسعار المحروقات السائلة وصعوبة رفع دعم الغاز، ما يجعل وتيرة الانتقال في السنوات الأخيرة “بطيئة للغاية” وفق الخبراء، في ظل ضغوط دولية متزايدة لإصلاح دعم الوقود الأحفوري بعد “كوب 28”.
ويتطرق التقرير أيضاً لتحديات البناء، حيث يلفت إلى محدودية الموارد المخصصة لمراقبة المعايير الطاقية رغم اعتماد الخطة الوطنية للتأقلم، ما يسمح باستمرار تداول أجهزة عالية الاستهلاك وتشييد مبانٍ غير مطابقة للمعايير، وهو تحدٌّ عالمي تشترك فيه دول عديدة.
وفي المقابل، يثني التقرير على الاستثمارات الكبرى في النقل العمومي والسكك الحديدية التي تسهم في إرساء انتقال طويل الأمد نحو تنقل منخفض الكربون، متماشية مع الاتجاهات العالمية في كهربة النقل وتوسيع البنية التحتية منخفضة الانبعاثات.
ويشير كذلك إلى التأخر في إدخال الطاقة الشمسية بسبب خلافات تكنولوجية وبطء إطلاق طلبات العروض، في وقت يحقق فيه العالم نمواً قياسياً في الطاقات المتجددة يتطلب ثلاثية مضاعفة بحلول 2030، ما يجعل أي تباطؤ داخلي مكلفاً في استثمار الزخم العالمي.
ويختتم التقرير بجملة توصيات تشمل وضع خارطة طريق للوقود الحيوي والبيوغاز معتمدة على النفايات لا المحاصيل الغذائية، ورفع كفاءة الري عبر تقنيات ذكية وربط الدعم بمؤشرات استهلاك المياه، إضافة إلى توسيع برامج النفايات والفرز العضوي والتقاط غاز المطارح. كما يدعو إلى تبني حزمة انتقال أحفوري متوافقة مع اتفاق باريس، وتحفيز مشاركة المواطنين، وتسريع نشر الطاقة المتجددة، باعتبار العقد الحالي مرحلة حاسمة في مسار المناخ العالمي.





