‏آخر المستجداتالمجتمع

بايتاس يتحدث عن القرار المعلّق.. بين مراجعة تسقيف السن وضغط الشارع التعليمي

(كش بريس/التحرير)ـ في سياق سياسي واجتماعي متوتر بخصوص إصلاح منظومة التوظيف والتدبير العمومي، جاءت تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، لتفتح من جديد ملفات ساخنة تتصل بالتوظيف في قطاع التعليم، وبالإصلاحات الانتخابية، وبالتدابير الاجتماعية الموجهة لتحسين القدرة الشرائية للأسر المغربية.

تُبرز المعطيات التي قدمها بايتاس ملامح رؤية حكومية مزدوجة: من جهة، محاولة امتصاص الاحتقان الاجتماعي الناتج عن قرار تسقيف سن الولوج إلى مهنة التدريس في 30 سنة، ومن جهة أخرى، تقديم صورة حكومة حريصة على تأهيل الحقل السياسي وتخليق العملية الانتخابية، بما يعيد الثقة في المؤسسات.

غير أن هذا التوجه، رغم وجاهة منطقه السياسي، يظل مرهونًا بمدى قدرة الحكومة على تحويل نوايا “الإصلاح” إلى سياسات فعالة، لا مجرد وعود انتخابية مغلفة بخطاب شفافية ومسؤولية.

فعلى مستوى ملف التعليم، فإن إعادة النظر في تسقيف السن تمثل لحظة اختبار حقيقية لمدى مرونة الحكومة في التفاعل مع الانتقادات الواسعة التي وُجهت لقرارها السابق. إذ اعتُبر القرار مجحفًا بحق آلاف الشباب الذين وجدوا أنفسهم مقصيين من أحد أهم قطاعات التشغيل العمومي. ومن ثمّ، فإن مجرد “دراسة” إمكانية التراجع عنه لا يمكن اعتباره مكسبًا بقدر ما هو تصحيح لمسار تواصلي متسرع، كشف محدودية التقدير الاجتماعي لوقع السياسات الحكومية.

أما على مستوى القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، فإن الاتجاه نحو “توسيع حالات المنع من الترشح” يحمل دلالتين متناقضتين:

الأولى إيجابية، ترتبط بالرغبة في تخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد الانتخابي؛

والثانية مثيرة للتساؤل، إذ قد تفتح الباب أمام تأويلات سياسية وانتقائية في تطبيق المنع، خصوصًا في ظل هشاشة الضمانات القضائية في بعض الملفات ذات الطابع السياسي.

وفي المقابل، يُسجَّل للحكومة أنها تحاول عبر مشروع تعديل قانون الأحزاب فتح آفاق جديدة أمام الشباب والنساء، في مسعى إلى تجديد النخب السياسية، رغم أن الواقع الحزبي المغربي ما زال يعاني من أعطاب بنيوية، تجعل من مشاركة الفئات الجديدة مجرد تحسين شكلي للواجهة الديمقراطية دون مفعول جوهري في بنية القرار.

أما من الناحية الاجتماعية، فإن المصادقة على الرفع من قيمة التعويضات العائلية تمثل خطوة ذات بعد إنساني واضح، خصوصًا مع شمولها القطاعين العام والخاص، واعتمادها الأثر الرجعي من يناير 2023. ومع ذلك، فإن حجم الدعم (122 مليون درهم) يبقى رمزيًا أمام موجة الغلاء واتساع الفوارق الاجتماعية، ما يجعل هذا الإجراء أقرب إلى مسكن ظرفي منه إلى سياسة اجتماعية شمولية.

في المحصلة، تعكس تصريحات بايتاس مقاربة حكومية متعددة المسارات، تحاول أن تمزج بين الإصلاح المؤسساتي والإجراءات الاجتماعية المهدئة. لكنها، رغم هذا التنوع، تظل بحاجة إلى جرأة سياسية أكبر في معالجة جذور الأزمات، لا الاكتفاء بتلطيف مظاهرها، وإلى رؤية متكاملة تضع المواطن في قلب الفعل السياسي لا في هامشه.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button