
(كش بريس/ التحرير)ـ في خطوة غير مسبوقة على المشهد السياسي المغربي، أعلنت ثمانية تنظيمات نسائية تابعة لكبرى الأحزاب الممثلة في البرلمان عن تشكيل مجموعة عمل مشتركة تتجاوز الاصطفاف الحزبي ومنطق الأغلبية والمعارضة، بهدف صياغة مقترحات موحدة لإصلاح النظام الانتخابي.
هذه المبادرة، التي وُلدت من دعوة ملكية وردت في خطاب 29 يوليوز 2025 إلى “ضمان انتخابات دامجة”، وتفاعلاً مع مبادرة وزير الداخلية لتلقي مقترحات الفاعلين السياسيين، تعكس تحوّلًا لافتًا في دينامية الحقل الحزبي، حيث تلتقي الخصوم التقليديون حول هدف واحد: تمكين النساء من موقع القرار.
توافق نادر بين “الخصوم”
المجموعة التي تقودها خديجة الزومي عن حزب الاستقلال وتضم قيادات نسائية من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاتحاد الاشتراكي، الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية، الاتحاد الدستوري، والعدالة والتنمية، عقدت سلسلة اجتماعات مع الأمناء العامين لهذه التشكيلات.
اللافت أن جميع القادة الحزبيين، رغم تناقضاتهم الإيديولوجية، أشادوا بالمبادرة ورأوا فيها “إطارًا للحوار والترافع الجماعي”، مؤكدين أن توسيع المشاركة السياسية للنساء رافعة إستراتيجية لتعزيز الديمقراطية وتخليق الحياة العامة.
من “الثلث” إلى المناصفة
خلال هذه اللقاءات، بلورت القيادات النسائية حزمة من المقترحات العملية، أبرزها:
- الحفاظ على نظام اللوائح الانتخابية مع تكريس دوائر مخصصة للنساء، وضمان ألا تقل نسبة تمثيليتهن عن الثلث كخطوة انتقالية نحو المناصفة الدستورية.
- دعم مالي وتنظيمي قبلي وبعدي لترشيحات النساء، وتوفير تكوينات مستمرة لتعزيز مهارات المرشحات.
- تمكين النساء من الترشيح المباشر في الدوائر المحلية لخلق تمثيلية حقيقية، وتسهيل وصولهن إلى مراكز القرار على أساس الكفاءة والاستحقاق.
إصلاح انتخابي أم سباق رمزي؟
هذه المبادرة قد تُسجل كنقطة تحول في تاريخ المشاركة النسائية بالمغرب، لكن مراقبين سياسيين يرون أنها تكشف أيضًا محدودية الأداء الحزبي التقليدي؛ فالتوافق على إصلاح انتخابي لصالح النساء يطرح سؤالًا عن سبب تعثر هذه الإصلاحات منذ سنوات رغم النص الدستوري الصريح حول المناصفة.
كما يثير المشروع تساؤلات حول قدرة الأحزاب على تجديد نخبها بالفعل، بدل الاكتفاء بـ“تجميل” اللوائح الانتخابية بأسماء نسائية دون منحهن سلطة فعلية.
ما بعد البيان
يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذه المقترحات إلى قانون انتخابي ملزم، خصوصًا في ظل مناخ سياسي يتأرجح بين ضغط الشارع المطالب بالمساواة وحسابات حزبية دقيقة. فهل تنجح “جبهة النساء” في فرض أجندتها على البرلمان والحكومة، أم تتحول المبادرة إلى مجرد ورقة ضغط ظرفية في موسم الإصلاحات المؤجلة؟
ما هو مؤكد أن توقيع قيادات مثل أمينة بنخضرة، قلوب فيطح، حنان رحاب، خديجة الكور، شرفات أفيلال، نجاة سيمو، وسعادة بوسيف على بيان واحد يضع الطبقة السياسية أمام اختبار تاريخي: هل تُفتح فعلاً أبواب القرار للنساء، أم يظلّ “النصف الآخر” رهين الشعارات؟