‏آخر المستجدات‏تكنولوجيا و ميديا

تقرير دولي: المغرب يتقدم في مواجهة الاحتيال الرقمي وسط تراجع قوى تكنولوجية كبرى

(كش بريس/التحرير)ـ أظهر مؤشر الاحتيال العالمي في نسخته الثانية، الصادر عن شركة Sumsub المتخصصة في التكنولوجيا المالية والرقمية، بالتعاون مع مؤسسات بحثية دولية، أن المملكة المغربية احتلت المرتبة الخمسين عالميًا من أصل أكثر من مئة دولة، والثالثة إفريقيًا بعد موريشيوس وبوتسوانا، ضمن قائمة الدول الأكثر قدرة على مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي وحماية المعاملات الإلكترونية.

ويكشف التقرير عن تباين واضح في خريطة الحماية الرقمية على المستوى الدولي؛ إذ تصدرت لوكسمبورغ والدنمارك وفنلندا التصنيف العالمي، تليها دول أوروبية أخرى كالنرويج، هولندا، وسويسرا، في حين جاءت أستراليا في المركز الخامس عشر. أما في الجهة المقابلة، فقد شملت قائمة الدول الأقل حماية باكستان والهند وكولومبيا وعدداً من الدول الإفريقية ذات البنيات الرقمية الهشة.

كما أشار التقرير إلى تراجع ترتيب سنغافورة من المركز الأول في السنة الماضية إلى العاشر هذا العام، في مقابل تراجع الولايات المتحدة الأمريكية بـ36 مركزًا لتستقر في المرتبة الخامسة والخمسين، فيما كانت ماليزيا من أكثر الدول تدهورًا في المؤشر بتراجع بلغ 56 مركزًا.

هذا التحول اللافت في الترتيب الدولي يؤشر إلى أن التحصين ضد الاحتيال الرقمي لم يعد مسألة تقنية صرفة، بل أصبح مرهونًا بمنظومات الحكامة والرقابة والتشريعات.

وفي قراءة تفسيرية للنتائج، يؤكد الخبير الدولي تيموثي أوينز، رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة Statista المشاركة في إعداد المؤشر، أن ظاهرة الاحتيال لم تعد ترتبط بالموقع الجغرافي بقدر ما تعكس نجاعة الإدارة والحوكمة الرقمية. وأضاف أن المحتالين باتوا يستخدمون أدوات ذكاء اصطناعي متطورة، مما جعل أشكال الغش الإلكتروني أكثر انتشارًا وتعقيدًا، بما يفرض على الدول تحديث أنظمتها وآليات المراقبة باستمرار.

ويرى أوينز أن المرحلة الحالية تتطلب انتقالًا من ردّ الفعل إلى المراقبة الاستباقية، إذ لم يعد تبادل المعلومات بين المؤسسات خيارًا، بل شرطًا أساسيًا لضمان الأمن السيبراني في عالم تتقاطع فيه التكنولوجيا مع الجريمة الرقمية.

من جهته، اعتبر فيتالي غريبانوڤ، مدير العلامة التجارية بشركة Sumsub، أن دراسة معدلات الاحتيال لوحدها لا تكفي لتكوين صورة دقيقة، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي الواسع جعل من الضروري اعتماد رؤية شمولية لمشهد الاحتيال العالمي، تقوم على تحليل الاتجاهات وتحديد مكامن الضعف الوطنية.

وبهذا المعنى، فإن تقدم المغرب في التصنيف لا يمثل فقط مكسبًا تقنيًا، بل دليلًا على نضج تدريجي في تدبير التحول الرقمي وحماية المعاملات الإلكترونية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى بناء منظومات ثقة رقمية متكاملة تربط بين الدولة والمواطن والمؤسسات الاقتصادية.

إن مؤشر الاحتيال العالمي، إذ يكشف واقع الحماية الرقمية، يسلّط الضوء أيضًا على التحدي القادم: كيف يمكن للدول أن توازن بين الابتكار والانفتاح الرقمي من جهة، وضمان الأمن وحماية المعطيات من جهة أخرى؟

سؤال مفتوح يختبر مدى جاهزية البنى الرقمية الوطنية لمواجهة المجهول القادم من عالم الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبرى.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button