
كش بريس/ محسن منير ـ سجّلت النيابات العامة بمختلف ربوع المملكة، خلال سنة 2024، حصيلة لافتة في ما يتعلق بجرائم الشيك، إذ بلغ عدد المحاضر المحررة في هذا الإطار 46.365 محضرًا، أُقيمت بشأنها الدعوى العمومية، فيما وصل عدد الأشخاص المتابعين إلى 35.836 شخصًا، مع تسجيل 36.572 متابعة خلال السنة نفسها. وقد مثّلت هذه القضايا ما نسبته 15.95 في المائة من مجموع الجنح المنصوص عليها في القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة.
وأوضح تقرير رئاسة النيابة العامة، الصادر حديثًا، أن الشيك لا يزال يحتل مكانة محورية ضمن الأوراق التجارية الأكثر تداولًا في الحياة الاقتصادية، باعتباره وسيلة وفاء تقوم مقام النقود، لما يوفره من مزايا عملية واقتصادية، من بينها تقليص مخاطر تداول الأموال نقدًا، وتشجيع الإيداع البنكي، وضمان السرعة والأمن في المعاملات التجارية.
وأكد التقرير أن هذه الأهمية تفرض ضرورة صيانة الثقة في الشيك كوسيلة أساسية لتسوية المعاملات، وهو ما يفسر حرص المشرّع المغربي على إقرار ترسانة قانونية خاصة تجرّم كل الأفعال التي من شأنها الإخلال بوظيفته الاقتصادية. وفي هذا السياق، خصّص القانون رقم 15.95، المتعلق بمدونة التجارة، مقتضيات خاصة بجرائم الشيك ضمن القسم الثالث من الباب الثالث.
تحريك الدعوى العمومية وطبيعة الجرائم
وبخصوص آليات تحريك الدعوى العمومية في قضايا الشيك، أشار التقرير إلى أنها تتم إما بمبادرة من النيابة العامة، أو عبر الاستدعاء المباشر، أو بناءً على شكاية من المتضرر، مبرزًا التفاعل الإيجابي للنيابات العامة مع الشكايات والمحاضر المسجلة في هذا المجال.
كما كشفت المعطيات الإحصائية أن جريمة عدم توفير مؤونة الشيك عند تقديمه للأداء استحوذت على الحصة الأكبر من مجموع قضايا الشيك، في حين توزعت باقي المتابعات على مختلف الأفعال الأخرى المجرّمة المرتبطة بهذه الورقة التجارية.
تصاعد قضايا مخالفات الصرف
وفي محور آخر، تطرّق تقرير رئاسة النيابة العامة إلى الجرائم المرتبطة بمخالفات ضوابط الصرف، باعتبارها من الجرائم الاقتصادية التي تمسّ بشكل مباشر بالتوازنات المالية والاقتصادية الوطنية، وتؤثر سلبًا على السير الطبيعي للمعاملات التجارية، فضلًا عن انعكاساتها على قيمة العملة الوطنية ومكانتها.
وأوضح التقرير أن خطورة هذه المخالفات دفعت المشرّع إلى إخضاعها لنظام قانوني خاص، يتمثل في مقتضيات ظهير 30 شتنبر 1949 المتعلق بزجر المخالفات المرتكبة في ميدان الصرف، والذي يتضمن آليات تنظيمية وزجرية تهدف إلى الحد من آثار هذه الأفعال.
وسجّل التقرير ارتفاعًا حادًا في عدد قضايا الصرف خلال سنة 2024، بنسبة بلغت 85.25 في المائة مقارنة بسنة 2023، بعدما ارتفع عدد القضايا المفتوحة من 61 قضية إلى 113 قضية. كما أحالت النيابات العامة، خلال السنة نفسها، 116 محضرًا على المحاكم المختصة، في إطار تفعيل المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل.
كخلاصة فإن هذه المؤشرات تعكس وفق ما خلص إليه تقرير رئاسة النيابة العامة، تصاعد التحديات المرتبطة بالجرائم الاقتصادية والمالية، وفي مقدمتها جرائم الشيك ومخالفات الصرف، كما تبرز في الآن ذاته استمرار انخراط النيابات العامة في تنفيذ السياسة الجنائية الرامية إلى حماية الثقة في وسائل الأداء، وضمان أمن واستقرار المعاملات التجارية، والتصدي لكل الممارسات التي من شأنها الإضرار بالتوازنات الاقتصادية والمالية للمملكة.





