‏آخر المستجداتالمجتمع

تقرير مشترك مع اليونيسيف يدق ناقوس الخطر بشأن بيئة التعليم الأولي

(كش بريس/التحرير)ـ كشف تقرير حول “تقييم التعليم الأولي بالمغرب”، أنجزه المجلس الأعلى للتربية والتكوين بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، عن جملة من الإكراهات البنيوية التي تعانيها مؤسسات التعليم الأولي، والتي تؤثر بشكل مباشر على جودة بيئة التعلم، لا سيما في ما يتعلق بشروط النظافة والسلامة والاكتظاظ، إضافة إلى ضعف أجور المربيات والمربين، وما يترتب عنه من انعكاسات سلبية على رفاههم المهني ومستوى رضاهم عن العمل.

وأبرز التقرير استمرار ارتفاع معدلات الاكتظاظ داخل الأقسام، خصوصًا في القطاع العمومي وفي الوسط القروي، حيث يتابع 56% من الأطفال في القطاع العمومي و37% في الوسط القروي دراستهم داخل أقسام تضم أكثر من 20 طفلًا لكل مربية أو مربي. كما أشار إلى أن 55% فقط من أطفال الوسط الحضري يستفيدون من تأطير يستجيب للمعايير المعتمدة (أقل من 15 طفلًا لكل مؤطر)، في حين لا يحظى سوى ربعهم تقريبًا بتأطير عالي الجودة (أقل من 10 أطفال لكل مؤطر).

وسجل التقرير أن إدماج الأطفال في وضعية إعاقة داخل مؤسسات التعليم الأولي يشهد تقدمًا ملحوظًا، غير أنه يظل جزئيًا، إذ أفادت حوالي 43% من الوحدات التعليمية باستقبال طفل واحد على الأقل من ذوي الإعاقة. وتعد صعوبات التعلم واضطرابات طيف التوحد من أكثر الحالات شيوعًا، في مقابل حضور أقل للإعاقات الحسية. ووفق التقديرات، لا تتجاوز نسبة الأطفال في وضعية إعاقة الملتحقين بالتعليم الأولي 1.2% من مجموع الأطفال المتمدرسين.

وأظهرت معطيات التقرير أن غالبية الأطفال يتوفرون على الحد الأدنى من الوسائل المادية، حيث يتم استخدام أدوات الكتابة ولوازم الرسم بشكل مكثف، مقابل تسجيل خصاص واضح في الألعاب التربوية والكتب التعليمية.

وفي ما يتعلق بشروط النظافة، أفاد التقرير بأن 86% من الأطفال يلتحقون بمؤسسات متصلة بشبكة الماء الصالح للشرب، بينما تعتمد 10% من المؤسسات على مصادر بديلة، في حين تفتقر مؤسسات أخرى لأي ربط بشبكة التزود بالماء. أما على مستوى المرافق الصحية، فلا تتوفر سوى 31% من المؤسسات على مراحيض تستجيب لمعايير النظافة، والفصل بين الجنسين، والحجم المناسب وسهولة الولوج، في حين يلتحق 18% من الأطفال بمؤسسات لا تتوفر على مراحيض أو لا تستوفي مرافقها المعايير المطلوبة.

ورغم توفر الماء الجاري والصابون في أغلب الوحدات، فإن الممارسة الفعلية لغسل اليدين بالصابون تبقى محدودة، إذ لا يستفيد سوى 38% من الأطفال من مؤسسات يُعمم فيها غسل اليدين قبل الوجبات، مع تسجيل تفاوتات ملحوظة حسب نوع المؤسسة.

وعلى مستوى السلامة الجسدية، أشار التقرير إلى أن 62% من الأطفال يرتادون مؤسسات تقع في بيئات منخفضة المخاطر، غير أن عدة اختلالات ما تزال قائمة، من أبرزها غياب الأسوار، وعدم ملاءمة ساحات اللعب، والقرب من فضاءات خطرة كالشوارع والأسواق، إضافة إلى التعرض للتلوث أو تهالك الأرضيات. وتتركز هذه المخاطر أساسًا في الوسط القروي وفي مؤسسات التعليم الأولي غير المهيكل.

أما بخصوص ظروف اشتغال المربيات والمربين، فقد سجل التقرير تفاوتًا واضحًا في الأجور، إذ يتقاضى مؤطرو 25% من الأطفال أجورًا تقل عن 2000 درهم شهريًا، بينما يستفيد 42% من الأطفال من تأطير مهنيين يتقاضون أجورًا لا تقل عن 3000 درهم.

وبشأن انتظام صرف الأجور، كشف التقرير عن تفاوتات حسب نوع الوحدة، حيث صرّح مربيات ومربو 23% من الأطفال في القطاع غير المهيكل بتأخر في تسلم أجورهم، مقابل 11% في وحدات الشراكة، و9% في القطاع الخاص، فيما لا تتجاوز النسبة 6.5% في القطاع العمومي.

واعتبر معظم المربيات والمربين (86%) أن إطار العمل والموارد المتاحة ملائمة بشكل عام، غير أن هذه النسبة تنخفض إلى 67% في القطاع غير المهيكل، مقابل أكثر من 90% في باقي القطاعات.

كما أظهر التقرير أن عبء العمل يُستشعر بشكل أكبر في القطاع العمومي، حيث أفاد مربيات ومربو 46% من الأطفال بأن مهامهم مرهقة، مقارنة بـ38% في القطاع غير المهيكل و37% في القطاع الخاص.

وعلى مستوى الرفاه المهني، عبّر مربيات ومربو 45% من أطفال التعليم العمومي عن رضاهم التام عن ظروف عملهم، مقابل 36.5% في قطاع الشراكة، و55% في القطاع غير المهيكل، و63% في القطاع الخاص.

وأشار التقرير كذلك إلى أن الطاقم التربوي في التعليم الأولي يتسم بكونه شابًا نسبيًا ويفتقر إلى الخبرة، خاصة في القطاع العمومي، في حين يتوفر القطاعان الخاص وغير المهيكل على موارد بشرية أكثر تجربة، وهو ما ينعكس على جودة التعلمات والمهارات المكتسبة لدى الأطفال.

ورغم تعدد هذه التحديات، سجل التقرير تطورًا ملحوظًا في تعميم التعليم الأولي، حيث تجاوزت نسبة التمدرس 70%، مؤكّدًا في المقابل على ضرورة مضاعفة الجهود خلال المرحلة المقبلة من أجل الارتقاء بجودة هذا التعليم وضمان تكافؤ الفرص بين جميع الأطفال.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button