

في البداية أثير سؤالا ثقافيا ضخما ربما يحتاج إلى إجابات سياسية وثقافية ونفسية واجتماعية طويلة وتآويل متعددة وهو: هل المقهورون المستلبون في أوطانهم يعوضون ذلك بالهجوم المر والحقد الأعمى على كل مناضل شريف تعويضا عن شرفهم المنقوص وعزتهم الجريحة؟
أخيرا انتصرت حماس وانهزم المبطلون المرجفون في المدينة،استطاعت حماس أن تجعل من القضية الفلسطينية هما شعبيا عالميا بعد أن دفنتها آلة الإعلام الصهيوني زورا وكذبا سنين طويلة،انتصرت البندقية المجاهدة في الميدان وسقط الفارغون المدكوكون بوهم الأيديولوجيات وألاعيب الكلمات وأكاذيب المسميات، انتصرت حماس التي استبدلت الذى هو أدنى بالذى هو خير، وانهزم عبيد الطغيان حزب الكنبة الذين ارتخت كرامتهم المجروحة وتهدلت عزتهم المنقوصة وقالوا اقعدوا مع القاعدين.ثم قالوا إن فلسطين هي التي احتلت إسرائيل وليست إسرائيل هي التي احتلت غزة! وقالوا إن حماس هي التي قتلت في البداية وليست إسرائيل التي لم تهدأ يوما واحدا منذ نصف قرن عن قتل الفلسطينيين نساءهم ورجالهم وأطفالهم،وقالوا إن حماس هي التى تقوم بإبادة جماعية للفلسطينيين ولم يقولوا إن إسرائيل هم شراذمة العالم وشذاذ الآفاق رمى بهم رؤساء العالم الرأسمالى المتوحش على أرض فلسطين لتكون للغرب شوكة أبدية في ظهر العرب والإسلام والمسلمين. من صاحب الأرض إسرائيل أم فلسطين؟ من المحتيل الإرهابى الذى قتل من أهل فلسطين أصحاب الأرض ستين ألف طفل برىء مسكين جريمته الوحيدة أنه جاء إلى هذا العالم الموبوء ولم يجد من يحميه ويأويه من كلاب الرأسمالية العالمية المتوحشة.؟
هل نستطيع الآن أن نسامح المنافقين والمتواطئين والجبناء والمرجفين والمعلولين ومرضى النفوس وأصحاب الجثث المحنطة والعقول المغيبة والخائنين شعوبا ورؤساء عربا وأوربيين بعد كل هذه الإبادة الجماعية المتوحشة؟!
لقد خلع العالم كله الآن أقنعته المزورة فبدا قلبا دمويا شرسا لا يرحم،رؤوس شياطين تجمجم وأفاعى عملاقة تتطاول وتفح بالسموم الكونية.
كيف سكت العالم أمام مجزرة القرن؟
كيف رضى الغرب والعرب معا بكل هذا الموت والقتل والذبح والدمار والخراب وتعاملوا معه بكل هذه الدبلوماسية الناعمة المزوقة الكاذبة الفاجرة؟.
كيف ألقى الخنازير والقردة والقعدة من مثقفى السلطة ومرتزقى الحظيرة اللوم على حماس التي كانت تدافع عن أرضها وعرضها وأطفالها ونسائها ورجالها؟.
هل هو الشرف المنقوص الذى يكأكىء في صدورهم كالفراخ الداجنة المستوردة حول الطعام المتاح؟ . لكنهم ويا للكارثة عرب ومصريون تواطؤا جميعا على فلسطين وحماس؟ وباتوا يعللون العلل وينتحلون التفاسير ويختلقون التبريرات بأن حماس على خطأ جسيم لأنها احتلت إسرائيل وقتلت أطفالها ونساءها منذ خمسين عاما. حماس بعبع مخيف للعالم وهم إرهابيون.
كيف تم كل هذا التواطؤ المخذى على وضع الأجوبة الجاهزة محل الأسئلة المقلقة؟
لكن منقوصى الشرف لايحتاجون إلى شجاعة ولا مروؤة ولا جهاد ولا نضال هم قعدة مرتجفون ومهزوزون ومرتعشون لايعرفون دينا ولا ضميرا ولامعنى للوطن والفداء، اعتادوا أن يبيعوا كل شيء حتى كرامتهم وأوطانهم مقابل ألا تكلفهم بما يكلف به الرجال. هم صناعة أيديولوجية قاهرة تراهم أجانب في أوطانهم،مستشرقين في بلادهم، مقهورون تحت سطوة حكامهم، ودائما المقهور الذليل يكن كراهية مطلقة للعزيز الأبي؟.لأنه يذكره بشرفه المنقوص وعزته الجريحة.
ليس أمام المقهور الذليل في وطنه إلا وسيلة واحدة للدفاع عن شرفه المنقوص وعزته المهانة وكرامته المجروحة وهى وسيلة التبرير الذليل والازدواج الجبان، تبرير يقلب النصر هزيمة وازدواج معايير يجعل من الذهب معدنا خسيسا صديئا، وماذا يفعل المقهور الرعديد القعدد إلا أن يلقى باللوم على الحر الشجاع، الإستبداد يسلب الناس سلامة التفكير، كما يفقدهم القدرة على التمييز بين الخير والشر حتى ليصدقون الكاذب،ويكذبون الصادق،يغتال الاستبداد فطرة النفوس والعقول فيشوش فيها الحقائق ويشكك فى البديهيات حتى يقسم الناس بأن النهار أسود وأن الليل أبيض ،ويصبحون مثل الهوام الطائشة تترامى على النار التى تحرقها وتحسبها النجاة،وينصاعون كالغنمات الطائشة تجرى هربا من خيال الظل فتقع بين مخالب الذئاب الشرسة فيصبح طريق النجاة هو نفسه طريق الهلاك.كما يسود فيهم أن طالب الحق فاجر وغبى،والساكت عن الحق واع وذكى،والشاكى المتظلم مفسد،والراضى المستسلم مصلح.ويصبح الناصح الأمين فضوليا مشكوكا فيه،والخائن الساكت أهل للثقة والأمان.وتصبح الغيرة على الفضيلة عداوة،والشهامة سذاجة،والعزة حمقا،والرحمة ضعفا.والتحايل فطنة وكياسة،والدناءة والخساسة لطف ودماثة.والنفاق سياسة.حتى لتفقد المسميات مسمياتها وتفقد الدلالات دلالاتها.والأوطان والكرامات لا تصان بالأسماء والمسميات وحرب الأيديوجيات بل تصان بالنضال والجهاد وسط الميدان.
طوال جهاد حماس وحرب الإبادة لم تغنى حروب الكلمات عن الحق شيئا إن هم إلا يخرصون. إن حق الأوطان ليس مجرد كلمات، ولاينحصر في مفاهيم العدد والعتاد وفروق القوة والضعف بل هو روح شجاعة شامخة لا تخضع للعد والحصر وإن قل عددها لكن كثير عظمتها، فيا أيها الجبناء المبررون صنيعة الأيديولوجيات العربية والغربية : هل تم تحرير وطن على مدار التاريخ من أيدى المحتلين المستعمرين تحت مسمى القلة والكثرة بين الجيوش أو تم تحريره بالدبلوماسيات الناعمة؟
هل كانت حروب التحرير متكافئة عدة وعددا وعتادا بين أصحاب الوطن والمستعمر عبر التاريخ؟
لا توجد حرب تحرير واحدة عبر التاريخ تكافأ فيها الطرفان في القوة والعتاد والعتاد. بل دائما كان أصحاب الوطن المسلوب أقل عدة وعتادا لكنهم آمنوا بوعد الله ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله). وهنا مكمن العظمة في حماس ومكمن الذلة في أعداء حماس وكل من شتموهم وحقروهم شرقا وغربا. وهنا مكمن الإيمان بالله الحق الذى يتفرع عنه الإيمان بالوطن فلا وطن لمن لادين له. ومكمن الإيمان في حماس هو ماينقص أعداء حماس أقصد أنهم فتية آمنوا بوعد الله الذى وعدهم بإحدى الحسنيين: إما النصر أو الشهادة. وعرفوا بأرواحهم الطاهرة المناضلة أن الواحد يغلب ألفا بإذن الله، فعزة المؤمن بوطنه ودينه مستمدة من عزة الله تعالى التي لا تخضع لحدود ولا تنحصر في قياس. أما أهل الجبن والذلة فهو خاضعون لحسابات مادية سافلة وتصورات أيديولوجية منحطة فهم أصحاب شرف منقوص وعزة مجروحة دوما، هم مهزومون سلفا قبل أن تبدأ المعركة وإذا دخلوا المعارك خانوها وفروا وتولوا وزادوا المناضلين المجاهدين خبالا وأوضعوا بينهم.
حماس لم تؤمن بحسابات الكم والعدد وإن اتخذوا منهما كل جهدهم لأنهم مؤمنون بالوطن والكرامة أولا وهما فوق حسابات الكم والعدد. وهنا يظهر لنا السفول الضخم الكامن في نفوس كثير من المثقفين الجبناء الذين حذروا حماس من إسرائيل وشتموهم وحقروهم بل قالوا إنهم سبب دمار غزة، ونسوا إسرائيل التي هي سبب كل دمار وخراب، من يدمر من في المعايير المزدوجة المختلة؟ المستعمر المحتل أم المدافع عن وطنه المحتل؟ ومن بدأ المعركة هل هى حماس التي ولدت بعد احتلال إسرائيل لفلسطين بخمسين عاما من القتل والتدمير والتخريب والإبادة الجماعية؟!
وهنا مكمن فارق وحاسم من مكامن الشرف المنقوص عند أعداء حماس وهو هشاشة إيمانهم بالوطن والله القادر وحده على نصرة المجاهدين المستضعفين. هم منافقون ألسنتهم مسلمة وقلوبهم منكرة نافرة كارهة. الفرق هنا أن حماس لم تؤمن بقلة أو كثرة بل آمنت بقدرة الله وشرف الوطن، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله لا بحسابات الأيديولوجيات. هؤلاء فتية آمنوا بربهم فزادهم ربهم هدى، عرفوا أن الأسباب الظاهرة هي التي تؤدى للنتائج ولكنهم تيقنوا من أن هذه الأسباب لاتتحرك بنفسها ولكنها تتحرك برب الأسباب ولا تتحرك من تلقاء نفسها مثلما هي في حسابات جبناء المثقفين والسياسيين أهل الجهل والنفاق والخيانة.
كل أسباب العالم كما يقول المفكرون المسلمون أمثال الغزالى وابن رشد يقولون بأن مشاهدة الحصول معا والانعدام معا بين الأسباب والنتائج لا يعنى أبدا أن الثانى يوجد بسبب الأول وينعدم بانعدامه لأنهما قد يكونان معلولين لعلة خفية أخرى أعلى منهما ويجوز أن يكون في طاقة هذه العلة إيجاد أحدهما دون الآخر. ومادام هذان الاحتمالان قائمين فلا يصح أبدا أن نتخذ من اصطحاب الأمرين في الوجود والعدم دليلا على ترابط سببى أوعلي بينهما. ومتى لم يصح ذلك في العقل والعلم والواقع فلا يمكن التعويل عليه مطلقا في الوصول للنتائج المترتبة عليه. يقول العقاد العظيم: عن التلازم بين الأسباب والنتائج في وقائع الطبيعة ليس تلازما عقليا أبدا، كتلازم المقدمة والنتيجة في القضايا العقلية وإما هو تلازم المشاهدة والإحصاء فقط فحدوث الصوت من القذيفة يقع على التواتر كما نسمعه ولكن لايلزم عقل في تسلسل الحوادث التي تقع مع القذيفة أن نسمع ذلك الصوت ومن هنا فإن الأسباب ليست هي التي توجد الحوادث ولا هي مقدمة عليها بقوة تخصها وهى لا تغنى أبدا عن تقدير المصدر الأول لجميع الأسباب وهو الله تعالى، هذه سنة الله فى العلم وسنته تعالى فى الطبيعة( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) ( الفلسفة القرآنية، عباس العقاد، دار الهلال،مارس،1970،ص21)
هل فهمتم أيها المشكوك في إيمانكم بالله وبالتالي إيمانكم بالأوطان؟ هل عرفتم السبب العميق الخفى الكامن في نفوسكم وهو هشاشة الإيمان وضحالة المعتقد وهو الذى أدى بكم إلى التخلي عن الوطن والتسليم لأى مستبد، وكراهية المناضلين الشجعان الذين يذكرونكم بعزتكم المنقوصة وشرفكم المجروح. إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم.
هل تستطيعون الآن أن تتفهموا كيف لفصيل صغير جدا جدا اسمه حماس عدده مثل سكان شبرا في مصر واجه العالم الرأسمالى كله ثم لا ينهزم؟ لكنكم أنتم الملايين منهزمون،ما رأيكم يا حزب الكنبة؟!. طبعا لن تنطقوا. أنتم دائما صارخون في الباطل ساكتون دائما في الحق، إذا كان الخزي والعار والتخلى عن الوطن رفعتم أصواتكم المنكورة وإذا كان النضال الشريف وحب الفداء والوطن خنستم وسكتم ودخلتم جحور الكلمات. ولكن ماذا نقول بعد أن استبد بهم المستبودون حتى استبدوا بأنفسهم فجلعوا من الفضائل رذائل ومن الرذائل فضائل. تجري ألفاظ الفضيلة على ألسنتهم ويهوون بنعال الرذائل على رؤوس المناضلين المضطهَدين .
كانت حرب الكلمات التي شنها المرتعشون هي البديل الوحيد عن شؤفهم المنقوص وعزتهم الجريحة، هربوا من من طلقات البنادق واستخذوا من شرف النضال واستغشوا أقنعة الكلمات ومفعولها السحرى الوهمى وهناك فارق هائل بين أن نكتب كلمة أسد خطا وزينة وبين الأسد الحقيقى الفعلى مناضلا في عرينه،ترك المثقفون القعدة العجزة ميدان الحق والحقيقة والقضايا المصيرية الكبرى وهرعوا إلى حروب الكلمات بديلا حتى يظهروا بمظاهر المثقف القادر على التفسير والتعليل ولكن كيف يمتلك العليل قوة التعليل وصدق التفسير؟ كلنا لاحظنا أثناء حرب الإبادة الجماعية على غزة كيف تفرع عجزة المثقفين حزب الكنبة خريجوا حظائر الأيديولوجيات فروعا سياسية شتى وتركوا القضية المصيرية الجذرية وهى احتلال إسرائيل لفلسطين فبدأوا يبررون فريق منههم قالوا إن حماس إخوانية إرهابية،وياويل الشجاع من الجبان،وفريق قالوا إنها مأجورة، وفريق قال إنها صنيعة إسرائيل،وبعضهم قال هم طلاب سلطة،وجميعهم ترك الوطن وقتل الأطفال والنساء والرجال والإبادة الجماعية وعنف الخراب الشامل الكامل،لجاج حول الحمى دون الوقوع فيه،وحورب كلمات لاتغنى عن الحق شيئا وتفريغ متعمد للأسماء من مسمياتها الحقيقية،وكلها علامات الخنوع والخضوع والركوع والذلة وهشاشة الوطنية وفراغهم من العزة والحياة والكرامة. هذا يقول هذا شيعى وهذا يقول هذا سنى وهذا يقول هذا حماسى وهذا يقول هذا إخوانى وهذا يقول هذا معتزلى وهذا يقول هذا صوفى، كلهم يقاتل الآخر بالكلمات وسكتوا جميعا عن الوطن وحقيقة الموت والدمار والاحتلال. العالم كله ثار من أجل فلسطين وباركوا فعل حماس التي تدافع عن أرضها عرضها ووطنها المحتل،بينما هنا في أرض العرب والمسلمين اشتعلت حروب كلمات بديلا عن حروب الوطن، هرعوا وراء المستبدين في بلادهم الذين أفرغوا الأسماء من مسمياتها الحقيقية فسموا المناضل ضد المحتل إرهابيا والمدافع عن الكرامة مجرما، ما وصفته الشعوب الأوربية نضالا وجهادا وفداء وصفته الشعوب العربية فوضى وتدميرا وإرهابا، فكيف تحول كل هؤلاء المبررين الفاسدين المفسدين ضحية أسماء ومسميات آلة الإعلام الزائف وصاروا مفعولا بهم بالكلمات وسلطتها القاهر لا فاعلا حقيقيا في أرض المعركة. لسلطة الإعلام القاهرة يوطئون ظهورهم ،فهم أول أعوان المستبد على نفوسهم، وهم سيفه الذى به يضرب وملعبه الذى فيه يلعب،يفعل بهم الأفاعيل فيسبحون بحمده ويفقرهم ليغنوه، ويسقطهم فيرفعوه وإذا قسى عليهم قالوا عنه إنه الرحيم،وإذا فرق جمعهم قالوا عنه إنه الأمين فهم أعداء امنا عليه أعداء على أنفسهم لأنهم جاهلون بحقيقة أنفسهم وحقيقة ماحولهم.
أود أن أذكر الجبناء الجهلاء المرتعشين بأن القاهرون الأسياد يوجدون بلا واسطة بل هم يوجدون وكفى بينما أنتم توجدون بفعل فاعل أنتم لعب فيكم المستبدون فجعلوكم فانجعلتم كما يريدون،أنتم أوهام موجودة عبر الوسائط،ولستم موجودين بأنفسكم، أنتم موجودون بالتفويض والإحالة تعيشون عيشة الوكالة لا عيشة الكرامة، شرف منقوص وكرامة مجروحة، وعزة مسجونة ولكنكم لا تشعرون. المقهور لا يوجد بذاته بل يوجد بفعل فاعل، أنتم مستلبون منخورون من الداخل مفرغون من أي نأمة ضمير لا تدافعون عن الحق من ولو بشق كلمة. أنتم تؤدون أدوار فقط. فإذا انتهى دوركم نفيتم إلى مزابل التاريخ واستبدل المستبد القاهر قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.
أنتم غائبون دوما عن الحق حاضرون دوما في الباطل، ثابتون داخل الكذب منفيون داخل الوهم،أنتم الغائبون أبدا بشكل مضاعف، مستلبون بصورة مزدوجة. كائنات مبهمة الهوية لاطعم ولا لون ولا رائحة،أنتم سرطانات الوهم تنتشرون في كل مكان تسمون الأشياء بغير مسمياتها كأميبا عمياء منحطة في سلم الكائنات الحية المسؤولة. بينما كان الشارع العربى البسيط العفوى أكثر صدقا وأمانة ورجولة ومروؤة وحبا للوطن. الشارع مثل نفسه لكنكم مثلتم السلطان القاهر. فمن هنا المستلب بفتح اللام والمستلب بكسرها؟ هل الشارع الأمين أم من يدعى الثقافة وهو في الوطنية غير مبين وغير أمين؟.
إن أي مقاومة حقيقية فعلية لاتقاوم السلطة أبدا من خارجها بل من داخلها، فهل فعلتم ذلك داخل الوطن أولا حتى تستطيعوا أن تفعلوا ذلك مع المدافعين عن أوطانهم؟ وهل من يعيش مقهورا داخل وطنه يستطيع التعاطف مع المناضل البعيد المدافع عن وطنه؟ هل حررتم أنفسكم من غول القهر داخل أوطانكم حتى تنكروا على حماس تحريرها لوطنها من المحتل القاهر الغشوم؟ الجبناء يتعاطفون مع جبناء مثلهم ولكنهم لا يناضلون ضد أسباب ذلهم وهوانهم وقهرهم.
وعلى الرغم من تعدد أشكال المقاومة والشرف والنضال لكنكم تركتم كل أشكال المقاومة وأخرجتم خرطومكم الذليل يهجو كل مناضل ويحقر كل شريف، هناك المقاومة القوية ولم تكونوا معها، وهناك المقاومة الضعيفة ولم تكونوا معها، وهناك المقاومة الثورية وأنتم عاجزون عنها، وهناك المقاومة الصامتة وأنتهم هاربون منها، وهناك المقاومة السلبية وأنتم مذعورون منها. حتى المقاومة الانتهازية أنتم مرتعدون منها،المقاومة مقاومات ولكن الجبناء فضلوا أن يبيعوا شرفهم المنقوص للرعب والخوف والتبرير والمذلة حتى نظرتم للظالمين المسيطرين على أنهم شرفاء لمجرد أنهم أكثر قسوة وأشد ضراوة. انقلبتم موازينكم فرأيتم أن يقود الجاهل العالم،ويعتلى منبر الإمام أشد الناس فتكا بالدين.حتى أطاع الضعيف الخائف القوى الظالم طاعة إذعان وخنوع.وأصبح الإنسان كالحيوان المملوك لا يقدر على شىء سوى حسن طاعة سيده ومولاه حتى قاده سيده حيث يريد ويعيش كالريشة الهشة فى مهب الريح فلا ضمير ولا إرادة ولا خلق ولادين.
بالوهم عاديتم وبالوهم واليتم،وبالوهم مرضتم،وبالوهم تداويتم،بالوهم تيقنتم،وبالوهم نشأ علمكم،وعلى الوهم جرت أموركم،وانبنى حكمكم،أحسستم بالوهم،وسمعتم بالوهم،وأبصرتم بالوهم،وقدرتكم بالوهم وعجزتم بالوهم:
وهم يقيد بعضهم بعضا به
وقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود هذا العالم الأوهام
في النهاية انتصرت حماس التي قالت( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) على المتربصين الذين (يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم، وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم).
انتصرت حماس التي قالت ( لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله) على الذين قالوا ( فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا والله عليم بالظالمين).
انتصرت حماس التي قالت (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا منكم ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) على الذين قالوا ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون)
انتصرت حماس على الذين قال لهم (لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
آمنت حماس بقوله تعالى (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)
آمنت حماس بقوله تعالى )قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17)
لقد رأينا كلنا في حرب الإبادة على أهل غزة معنى قوله تعالى (۞ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19) يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا ۖ وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ ۖ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20)
صدقونى المسألة كلها ضعف إيمان بالله وكراهية دفينة للوطن تتجلى في صورة دفاع زائف بالكلمات المسمومة لتجميل صورة الباطل وتحقير صورة الحق.
وهنا يثور سؤال ثقافى ضخم يحتاج إلى إجابات طويلة وتآويل مديدة وهو: هل المقهورون المستلبون في أوطانهم يعوضون ذلك بالهجوم المر والحقد الأعمى على كل مناضل شريف تعويضا عن شرفهم المنقوص وعزتهم الجريحة؟