
ـ أصبحت الجماعة الترابية زمران الشرقية بإقليم قلعة السراغنة نموذجا للفوضى ـ
(كش بريس/ التحرير) ـ رغم المذكرات الوزارية والتوجيهات الصارمة التي صدرت عن وزارة الداخلية، طيلة السنوات العجاف السابقة، التي أتت على الأخضر واليابس، واستنزفت الفرشة المائية بشكل خطير، فإن بعض الجماعات الترابية بقلعة السراغنة، قد شهدت في الشهور القليلة الماضية، فوضى عارمة وانفلاتا تنظيميا وإداريا غير مسبوق، ارتد إلى الجهات الرقابية، بشكل مباشر، من مسؤولين جماعيين وسلطة محلية وإقليمية.
لقد أصبحت الجماعة الترابية زمران الشرقية بإقليم قلعة السراغنة، مضرب الأمثال بخصوص مسألة سوء إدارة موضوع “التصدي للترامي على الملك العمومي المائي” وأمام أنظار رجال السلطة، خصوصا ممن كانوا مسؤولين مباشرة على الخطوات السالفة الذكر، والمرتبطة بتنسيق حملات تمشيط ومراقبة لاستغلال الآبار والثقوب المائية في أكثر من منطقة.
وفي الوقت الذي امتدت فوضى استغلال الآبار والثقوب في زمران الشرقية، وعشوائية استغلال النفوذ وشطط السلطة، لم تعر مصالح شرطة المياه والأحواض المائية، أي انتباه أو خطوة تحلحل الوضع المأزوم، وتضع السلطة المحلية أمام سؤال الاتهام، فلا دعم تقني يمنع هذه العشوائية والفوضى، ولا وقوف على ضبط عمليات استغلال الموارد المائية العمومية خارج ضوابط القانون الذي يفرض طلب تراخيص خاصة والمرور عبر إجراءات إدارية معينة، حتى إنه أصبح من المعمول به وسط اندهاش الساكنة، إخفاء أدوات الجريمة ليلا ومباشرة الحفر دون وازع أو قانون في جنح الليل وتحت نجوم السماء.
وهو ما شكل حالة استغراب واستنكار لدى ساكنة الدواوير التي تعاني شح الماء الخاص بالسقي، ورفض التمييز بين الفقراء منهم والأغنياء. إلى درجة أن الكثير منهم، ممن توجهوا لموقع (كش بريس)، أفصحوا “أن السلطة كانت تتفرج، تسكت عن مخالفات لأمر معلوم… وتضطهد آخرين لقلة ذات اليد”؟.
ووقفت (كش بريس)، على مستوى تطور أزمة فوضى استغلال “تفشي الآبار والثقوب المائية العشوائية ” بزمران الشرقية، حيث أضحت السلطة المحلية وأعوانها خارج السيطرة، حيث تأكد لها أنها من خلال جمع المعطيات حول الآبار والثقوب المائية المفتوحة داخل مناطق نفوذ الجماعة الترابي، أن هناك حالة احتقان كبيرة تتعلق بوضعية الملك العمومي المائي وطبيعة ونوعية المخالفات المسجلة عند الاستغلال مع التمييز بين تراخيص الآبار وإحداث الثقوب المائية والكميات المستهلكة. كما هو الحال بالنسبة لحالات آبار عشوائية غير مرخصة أو مصرح بها للسلطات، توجد في ملكية أفراد ذوو نفوذ أو في موقع المسؤولية.
وقالت مصادر ل(كش بريس) إن شبهات التورط في تفشي الآبار والثقوب المائية العشوائية، قد دفعت المصالح الإقلمية لعمالة الجهة والجهة، بعرض ملفات مسؤولين في السلطة على اللجنة المختصة بالإدارة المركزية. وهو ما طالبت به شكايات، توصل بها موقعنا، تدعو إلى قيام لجان من المفتشية العامة للإدارة الترابية للتحقيق في تورط منتخبين وأعيان محليين وآخرين ميسورين، في حفر الآبار السرية بواسطة “السوندات” وعدم التثبت من صحة تقارير منجزة من قبل أعوان سلطة حول وضعية استغلال الموارد المائية العمومية.
وبهذا الخصوص، أكد جلالة الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه في الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش أخيرا، أن توالي ست سنوات من الجفاف “أثر بشكل عميق على الاحتياطات المائية، والمياه الباطنية، وجعل الوضعية المائية أكثر هشاشة وتعقيدا”، مذكرا بالتوجيهات التي أصدرها ل”اتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء”، خصوصا على مستوى العديد من المناطق بالعالم القروي.
وهو الأمر الذي يفرض على ولاة وعمال رجال سلطة بإنجاز تقارير ومحاضر معاينة منجزة في إطار عمليات المراقبة التي انطلقت منذ فاتح يناير 2024، خصوصا المتعلقة بطبيعة استغلال آبار وتقوب مائية مرخصة، في سياق التثبت من صحة معطيات حول تناقض بين تقارير منجزة من قبل شرطة المياه بأحواض مائية والمحاضر المذكورة، حيث تعززت موثوقية هذه التقارير بمستوى الاستهلاك المسجل على أجهزة القياس المثبتة في آبار، ليتبين أنها مخصصة للري والاستغلال في أنشطة صناعية وليس لغايات الاستعمال الفردي، منبهة إلى أن الحالات المرصودة في هذا الشأن همت أراض مستغلة كمستودعات للتخزين في ملكية شركات.
جدير بالذكر، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كان قد أكد على أن نسبة الآبار والأثقاب غير المرخص لها بالمغرب عرفت ارتفاعا وصل إلى 80 في المائة، مشيرا إلى إحصائيات صادرة عن وزارة التجهيز والماء أظهرت 409 مخالفات في مجال الحفر غير القانوني للآبار والأثقاب، بالإضافة إلى 117 حالة متعلقة بجلب المياه السطحية.