
ماهي إلا أيام قلائل ونستقبل عاما جديدا ، وقبل حلوله ببضع ساعات سيتبادل الجميع من ساكنة هذا العالم ، تمنيات ورجاءات ، يعدنا بها عام جديدٱخر ، سيكون أملا كبيرا لتحقق ما نرقبه ونسعى إلى أن يصبح حقيقة معاشة بالنسبة لنا.
ونحن نتعقب هذه الرجاءات بكل لهفة وانتظار ، بعد أن نجحنا بنوع من التفوق في أننا لم نخسر هذا الاصرار الذي هو محرك خطواتنا التي نخطوها ، وكلنا لهفة وشوق لآت أحسن وأفضل مما نحن عليه اليوم ، وأيضا في توجس وخيفة من أن تضيع فرصتنا مرة بعد المرة ، في القبض على ما نصبو إليه .
هو تشوق مشروع ، وسعي مباح وجائز، وأيضا معقول بل يحض عليه العقل ، ولا تجرمه التشريعات والقوانين.
لكن ،رغم كل هذه الفسحة من الأمل الذي نخشى أن يماثل سرابا ، أو ما تخطؤه العين أو ما يخفق بصدده القلب والعقل، هذا إذا ما نحن اعتبرنا ان كلا من القلب والعقل يشكلان معا أو في افتراق، مصدرمعرفتنا.
أن نأمل مادام ذلك أمرا ممكنا ، وقد ضمننا إمكانية التعويل عليه ، يجدر بنا ساعتها أن نفكر بعمق وترو فيما نحن مقبلين على انتظاره ، هل هو يدخل في مجال الممكنات أم سيكون من المستحيلات ؟
هنا، فليتنافس المتنافسون ، وليحدد كل منا هو محتبس لديه من انتظارات ، تجعله يشعر أنه قد حقق انتصارات على الزمان ، وعلى الاكراهات التي تطوقه وتسيجه.
إلا أننا بأخد فسحة تأمل عميق لما يجري في عالمنا من أحداث متسارعة (حروب طائفية ،عرقية ،توسعية … لا تتوقف رغم الجهود الدبلوماسية ، ورغم القمم التي تنعقد باستمرار ، وتنتهي بالاخفاقات المتتابعة ، في إعلان عن فشل جراء تضارب وجهات النظر ، والتي تخفي تضاربا في المصالح التي يقتتل من اجلها الآلاف بل الملايين ، دون اعتبار للحق في الحياة الذي تم ضمنيا التٱمر عليه أيضا ، مادامت المصلحة هي الأولى . وهي التي تكتب مجريات ما سوف يأتي من غيرها من الاحداث ، بشرها وخيرها ، والتي سنكون أمامها مكتوفي الأيدي بل أحيانا معدمي الإرادات .
فإلى جانب الحروب ، هناك مأساة التغيرات المناخية ، التي تعد بالاهوال .(حرائق ،تسونامي ،زلازل ….مجاعات ،…)واللائحة تطول باستمرار هذه الانتفاضة التي تعلنها الطبيعة على الانسان ، الذي قرر ان يكون سيدا عليها حين روضها .. إلا أنه لم يكن يدرك أنه حين تغاضى عن ما يستوجبه الحد من الاستخدام السيئ للتقنية ، وللمواردالطبيعية ، وأيضا لم يدرك حدود مجال استغلاله الطبيعة ، كانت هذه الأخيرة له بالمرصاد ، فأذاقته من حنظلها ، الكثير والكثير ..
شؤم أصاب هذا الكوكب الجميل ، وقد لاحت في الافق علامات اندحاره وتلاشيه ، ورغم كل ذلك ، لا زال الانسان في عماه ، وتوحشه ، ونكرانه لحقيقة أنه مفسد في الارض.. في الوقت الذي كان من الممكن أن يكون حاملا لكل تباشير الخصوبة والحياة حافظا لهما بكل ما أوتي من مهارات وقدرات وباعثا الأمل في نفوسنا المشرئبة بكل ثقة في تحقق مستقبل أفضل على كوكب لازال لم يخسر كل الرهانات حول مصيره بعد ..



