‏آخر المستجداتفنون وثقافة

متعة القراءة لقصص أبو يوسف طه

نظمت مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم بمراكش أمسية ثقافية اندرجت في إطار أسبوعها الثقافي المتنوع الممتد من 23 إلى غاية 29 يونيو 2025 بنادي المدرس /المركب الاجتماعي الزهراء الداوديات مراكش. كان موضوع الأمسية يدور حول تجربة أبو يوسف طه القصصية. أطر الأمسية الأساتذة عبد العزيز الحويدق ورشيد برقان وعادل عبد اللطيف وعبد الحفيظ ملوكي وسعيد بوعيطة تسيير الأستاذ فتح الله مصباح.
تناول المتدخلون أعمال أبو يوسف طه من زوايا مختلفة:
1_ الرؤية والموقف: ظلت رؤية المبدع ثابتة لم تتغير منذ نشره لأول قصة له سنة 1964 وأكدوا على ثبات موقفه من قضايا وطنه وقضايا الإنسانية جمعاء رغم التحولات التي شهدها العالم العربي خلال الستين سنة الماضية.
2_ الوعي الفني: أجمع المتدخلون على أن أبو يوسف طه لا يكتب من فراغ فهو متشبع بثقافة أدبية فنية واسعة، استحضرها في مرات عديدة كمادة حكائية وظفت بإتقان في نمو متوالياته السردية فتارة يحاور محمود تيمور وأخرى كافكا وموباسان وتارة ينتقد مواقف نقدية تسعى لاحتواء وتوجيه كتاب السرد في المغرب والعالم العربي. إن تنوع مصادره الفنية منحته القدرة على مواكبة كل تجديد في مجال السرد والمساهمة في بناء معمارية القصة بكل أبعادها الحديثة.


3- اللغة : ظلت لغة الكتابة الأدبية هاجسا يؤرق أبو يوسف طيلة حياته الفنية. فهو يؤكد في مقاطع مختلفة من قصصه على عجز اللغة عن نقل التجربة ولعله يردد مع المتصوفة العبارة المشهورة:” إذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة.” ولهذا كان يجرب بناء استعارة للاستعارة وتقويض أركان التشبيه بالبحث عن التباعد وليس التقارب فهدَّ بذلك المقاربات والمجاورات سعيا منه لنقل مايرى بلغة فنية أمينة تحول القبح إلى جمال والنفور إلى حب. ومن تجليات ذلك حسب المتدخلين التعدد اللغوي الذي يستحضر خطاب الآخر مما ينوع من الملفوظات.
4_ بين الإقناع والإمتاع: الكتابة الأدبية عند أبو يوسف طه ليست غاية لذاتها، إنها وسيلة للبحث عن طريق للكمال. وهو يسعى لذلك تسلح أبو يوسف طه بالفلسفة، الفلسفة التي تعيد صياغة أسئلة لهذا الوجود. وهذا ما توصل إليه المتدخلون عندما وقفوا عن حضور نيتشه في خلق وضعياته الحكائية وفي انتقاء شخصيات عوالمه السردية، شخصيات تؤكد أن لا مكان للضعف والضعفاء في العالم الحديث وان لا مفر للعود الأبدي لإعادة ترتيب العالم من منظور القوة. كما لمح بعض المتدخلين إلى حضور ما يعرف بمبدأ الالتزام في الأدبي كإحالة لتشبع أبو يوسف طه بالفلسفة الوجودية وخصوصا جون بول سارتر.
5_الواقع والخيال: أجمع الأساتذة على أن تجربة الكاتب قامت على تمثيل الواقع بطريقة فنية فكسرت ذلك الحاجز الذي يمنع الإنسان العادي من رؤية الواقع رؤية متسائلة عن الكبت والقمع المنتشرة بين أركانه وعن مصادر الخوف التي تكبل ولا تحرر. لقد عمل أبو يوسف على انتقاء شخصياته المعبرة مطامح الناس وعن همومهم وعن تطلعاتهم وبذلك تحولت إبداعاته لصوت فني لمن لا صوت له. إن درجة الخيال والتخييل تتعدد من المحاكاة القريبة للواقع إلى أن يصل إلى العجائبي والغرائبي. وبهذا مارس أبو يوسف السياسة بصفتها أدب.
سجل الحضور اختفاء أعمال أبو يوسف طه من المكتبات وصعوبة الوصول إلى إبداعاته. ومن هذا المنبر أناشد المهمتمين بالشأن الثقافي أن يعيدوا طبع أعماله الكاملة. وأطلب من المشرفين على مختبرات السرد في الجامعات المغربية أن يعملوا على إنجاز أبحاث علمية رزينة موضوعها هذه التجربة الغنية، لا تهدف لحمل شهادة جامعة من أجل هدف سخيف أو من أجل الاسترزاق.
ـ تقرير: موسى مليح ـ

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button