
السلوك والخطاب السياسيين القائمين على منطق الحكومة السابقة قد مًهّدَت بما أرسته من سياسات عمومية وعَبّدت الطريق بما سنّته من قوانين وما اتخذته من إجراءات للحكومة التي تَلَتها أو للحكومات اللاحقة، خاصة إذا كان الأمر يتعلّق بإرجاع فشل وإخفاقات الحكومة اللاحقة بالحكومات السابقة عنها. إنه خطاب خاطئ وسلوك سياسي مُعتلُ في ما يتعلق بالبرامج السياسية وما يتعلق بالسياسات العمومية.
لأن أي حكومة لاحقة بامكانها إلغاء وتغيير ما قامت به الحكومة السابقة عنها من سياسة عمومية، وليس هناك دستوريا وسياسيا ما يُلزم أي حكومة لاحقة بنهج نفس سياسات الحكومة السابقة عنها ولا يفرض عليها البناء ما وضعته من قواعد، وغير مُلْزَمة دستوريا وسياسيا على إبقاء الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على ما هو عليه في عهد الحكومة السابقة، خاصة إذا كانت الحكومة اللاحقة قد بَنَت دعايتها الانتخابية قبل تشكيلها، على القطيعة مع سياسة الحكومة السابقة.
ومن ذلك مثلا القول بأن ما تعرفه الأسواق من غلاء فاحش للأسعار منذ أربع سنوات ناتج عن قرار حكومة بنكيران تحرير بدون تسقيف أثمنة المحروقات، رغم أن ثمن الكازوال لم يتجاوز ثمانية دراهم، واليوم يقارب 12 درهم، فالمعروف في مجال السياسة والاقتصاد أن ما يمكن أن يكون صالحا اليوم من القرارات السياسية والسياسيات الاقتصادية، قد لا يكون كذلك بعد ستة أشهر أو أقل، فما بالك بأكثر من سنة وسنتين وأربع سنوات
وعليه:
-فليس هناك دستوريا ولا سياسيا ما يلزم حكومة أخنوش على الابقاء على ما سبق لحكومة العثماني وقبلها حكومة بنكيران أن نهجته وسلكته من سياسات عمومية.
-فليس هناك ما يمنع أخنوش وحكومته من إعادة صندوق المقاصة إلى ما كانت عليه قبل حكومة بنكيران.
-كما يمكن أن يلغي ما أنزله بنكيران في صناديق التقاعد من إصلاحات.
-ويستطيع كذلك تسقيف أسعار المحروقات، وإلغاء قانون الاطار 17.51 للتربية والتكوين.
-كما يمكن لحكومة أخنوس إلغاء اتفاقية التطبيع مع كيان الاجرام الصهيوني.
أما أن تتشبّت الحكومة اللاحقة بما سبق للحكومة السابقة لها أن قامت به من إصلاحات وما أن أصدرته من قوانين، وما نهجته من إصلاحات، وتعضّ عليها بالنواجد، بل لا تكاد تُضيف عنها شيئا، سوى تحوير تلك الاصلاحات وتلك القوانين واستغلالها لتخدم المصالح الفئوية للوبيات الاقتصادية والمافيات السياسية التي تقف وراءها، في تضارب مفضوح للمصالح واستغلال فاجر للنفوذ والسلطة. كما قامت بذلك حكومة أخنوش، ثم يخرج وزراؤها وبرلمانييها إلى الاعلام، ويصرحون بأن الحكومة السابقة هي التي قامت بهذه الاصلاحات والقوانين والاجراءات. … طيبب:
-فلماذا لم تقوموا بالغائها وتوقيفها، وتغييرها بقوانينكم وإصلاحاتكم وإجراءاتكم !؟
-وما دوركم في الحكومة الجديدة إذا لم تستطيع تغيير أو تجويد أو إلغاء أو توقيف ما ترونه سلبيا ومجحفا مما سبق للحكومة السابقة عنكم أن قامت به.!؟
-ماهي قيمتكم المضافة في العمل الحكومي إذا كنتم ستتشبتون بنفس السياسات العمومية التي نهجته الحكومة السابقة عنكم.!؟