
(كش بريس/التحرير)ـ أعلنت لجنة نوبل اليوم الاثنين عن فوز كل من جويل موكير من جامعة نورث ويسترن، وفيليب أجيون من جامعة فرنسا وكلية لندن للاقتصاد، وبيتر هويت من جامعة براون، بجائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 2025، تقديراً لإسهامهم في تفسير آليات النمو الاقتصادي المدفوع بالابتكار.
أوضحت اللجنة أن أبحاث موكير ساهمت في كشف البنية الفكرية العميقة وراء الثورة الصناعية وتتابع الابتكارات العلمية، مبيناً أن الابتكار لا يتحقق بمجرد النجاح التطبيقي، بل يحتاج إلى فهم علمي ممنهج يسمح بتوليد متواصل للأفكار الجديدة داخل بيئة معرفية محفزة. أما أجيون وهويت، فقد رسّخا منذ تسعينيات القرن الماضي نموذجاً نظرياً لما يعرف بـ “التدمير الإبداعي”، وهو المفهوم الذي يعني أن كل ابتكار جديد يزيح منتجاً قديماً، في عملية ديناميكية تجمع بين الإبداع والتجاوز، بين البناء والهدم، كشرط لاستمرار النمو.
وأكد رئيس لجنة نوبل، جون هاسلر، أن أعمال الفائزين تذكّرنا بأن النمو الاقتصادي ليس معطىً طبيعياً، بل منظومة تحتاج إلى دعم آليات التجديد والإبداع، محذراً من أن غياب هذه الدينامية يقود المجتمعات إلى الركود والجمود.
ويرى مراقبون أن هذا الاختيار يعكس توجهاً متزايداً في الفكر الاقتصادي المعاصر نحو دمج الابتكار بالتحول البنيوي للمجتمعات، حيث لم يعد النمو مجرد مؤشر حسابي أو زيادة في الناتج الداخلي الخام، بل أصبح عملية ثقافية ومعرفية معقدة ترتبط بالحرية، والتعليم، والانفتاح المؤسسي، وهي عناصر سبق أن تناولها الفائزون بجائزة نوبل لعام 2024 دارون عاصم أوغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون في أبحاثهم حول علاقة الحرية السياسية بالازدهار الاقتصادي.
على المستوى الفلسفي، تطرح هذه الجائزة سؤالاً عميقاً حول الوجه المزدوج للابتكار: فكما يقود إلى التقدم والنمو، يمكنه أن يخلق أنماطاً جديدة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، حين يتحول إلى سباق محموم بين الإبداع والتقادم. فالتدمير الإبداعي الذي يحتفي به الاقتصاديون هو، في جوهره، شكل من أشكال القلق الحداثي: إذ لا يثبت شيء على حال، وكل جديد يحمل في طياته بذرة زواله.