
ـ موسم فلاحي جديد… بين رهانات الجفاف ومشاريع الإنعاش الزراعي ـ
(كش بريس/التحرير)ـ أطلقت وزارة الفلاحة والتنمية القروية الموسمَ الفلاحي 2025-2026 من إقليم العرائش، كاشفة عن حزمة موسّعة من التدابير الاستباقية الرامية إلى دعم الإنتاج الوطني وتعزيز صمود المنظومة الفلاحية في مواجهة سنوات الجفاف المتتالية. وشكلت هذه الانطلاقة محاولة لإعادة الثقة للفلاحين بعد موسم صعب اتسم بندرة الأمطار وارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع مردودية القطاعات الحيوانية والنباتية.
وخلال حفل رسمي ترأسه وزير الفلاحة، أحمد البواري، بحضور مسؤولين مركزيين وجهويين وممثلين عن المهنيين، أعلنت الوزارة توفير 1,5 مليون قنطار من البذور المختارة للحبوب الخريفية، منها 1,2 مليون قنطار مخصصة من قبل “سوناكوص”، وبأسعار مدعّمة تهدف إلى حماية القدرة الشرائية للفلاحين وتحفيزهم على استعمال البذور المعتمدة ذات الجودة العالية.
ووفق المعطيات الرسمية، يتراوح الدعم المخصّص للحبوب بين 235 و255 درهماً للقنطار بالنسبة للقمح بنوعيه، ويصل إلى 285 درهماً للشعير، بينما تتراوح أسعار البيع النهائية بين 380 و500 درهم للقنطار. كما حُدد ثمن بيع العدس والحمص في حدود 1.150 درهماً للقنطار، في إطار مقاربة تستهدف ضبط السوق وتوفير مواد البذور بأسعار تنافسية.
أما على مستوى الأسمدة، فتتوقع الوزارة تزويد السوق بـ 650 ألف طن من الأسمدة الفوسفاتية بالسعر نفسه المعتمد العام الماضي، مع الاستمرار في دعم التحاليل المخبرية للتربة والمياه والنبات، وهي خطوة تروم ترشيد استعمال عوامل الإنتاج وتحسين مردودية الزراعات في سياق مناخي يزداد هشاشة.
وفي ما يتعلق بتثمين التقنيات الزراعية الحديثة، أعلنت الوزارة الشروع في تنفيذ البرنامج الوطني للزرع المباشر على مساحة 400,6 ألف هكتار خلال هذا الموسم، عبر توفير 235 بذّارة لفائدة التعاونيات الفلاحية، وذلك في أفق بلوغ مليون هكتار بحلول 2030. ويأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة التربة وتقليص كلفة الحرث والرفع من إنتاجية الحبوب.
كما يتواصل تنفيذ برنامج الري التكميلي للحبوب للوصول إلى مليون هكتار أيضاً مع نهاية العقد، باعتباره آلية أساسية لتقليص أثر التغير المناخي وضمان حد أدنى من الاستقرار الإنتاجي.
وفي إطار تعزيز الحماية من المخاطر المناخية، يرتقب أن يغطي التأمين الفلاحي متعدد المخاطر ما يقارب مليون هكتار من الحبوب والقطاني والزراعات الزيتية، إضافة إلى 50 ألف هكتار من الأشجار المثمرة، وهي خطوة تهدف إلى حماية دخل الفلاحين وتخفيف أثر الصدمات المناخية المتكررة.
أما أبرز التدابير المُعلن عنها، فيتعلق ببرنامج إعادة تكوين القطيع الوطني، الذي خصصت له الدولة غلافاً مالياً ضخماً قدره 12,8 مليار درهم خلال سنتي 2025-2026، وذلك تنفيذاً للتوجيهات الملكية. ويشمل البرنامج دعماً مباشراً لمربي الماشية لاقتناء الأعلاف، وحماية إناث الأغنام والماعز بمنحة قدرها 100 درهم لكل رأس، إضافة إلى إعادة جدولة الديون بتنسيق مع القرض الفلاحي للمغرب، وتنفيذ حملات تلقيح وتوجيه ميداني لمواكبة المربين.
وبهذا المزيج من التدابير التقنية والمالية، تحاول الوزارة إرساء ملامح موسم فلاحي أكثر استقراراً، رغم استمرار التحديات المناخية والاقتصادية، في انتظار تقييم قدرة هذه السياسات على تقوية الأمن الغذائي والرفع من مردودية القطاع الفلاحي خلال السنوات المقبلة.



