أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على أن “صدور مدونة الأسرة في بلادنا شكل محطة فارقة في مجال حماية حقوق الإنسان، ولا سيما حماية حقوق المرأة والطفل، حيث عملت المدونة على الموازنة بين روح العصر والتطور، والالتزام بأحكام الشرع، فجمعت في أحكامها بين منظومة الحقوق كما هي متعارف عليها دوليا وبين القيم الإسلامية السمحة والاجتهاد الفقهي الرصين”.
وأبرز المسؤول القضائي في الندوة المنظمة يومي 27 و28 أكتوبر الجاري من طرف وزارة العدل بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين، أن “المدونة استطاعت تكريس المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات في العديد من صورها، سواء عند إبرام عقد الزواج، حيث أصبحت الراشدة تعقد على نفسها بدون ولي، شأنها شأن الرجل، أو خلال العلاقة الزوجية عبر إقرار المدونة للمسؤولية المشتركة للزوجين تجاه أطفالهما فيما يخص الرعاية والحماية والتوجيه، أو بعد انحلال الرابطة الزوجية من خلال إقرار آليات انفصال توافقية لم يتضمنها قانون الأحوال الشخصية من قبل”.
وشدد عبد النباوي أن المراجعة ستتوقف على الثغرات القانونية، واختلالات النصوص، كما ستعالج القراءات القانونية والقضائية التي لا تنسجم مع حاجيات المجتمع ولا تمضي في نسق مبادئ الدستور، وستكون قراءة جديدة لمدونة قال عنها الملك محمد السادس إنها “مدونة الأسرة كلها”، مضيفا أن هذه القراءة ستستحضر الاجتهاد والعمل القضائي المناسب للمجتمع ولرفاه الأسرة واستقرارها، وستجد حلولاً تشريعية واضحة للقضايا الخلافية، وذلك كله في إطار التمسك بمبادئ الشريعة السمحة وانسجاماً مع دستور المملكة، تحقيقاً للعدل والإنصاف وحماية لأطراف الأسرة.
وأضاف ذات المتحدث أن “الدستور أقر في الفصل 19 منه تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة فيه وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها، على أن تسعى الدولة في كل مشاريعها إلى تحقيق مبدأ المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء”.
واستطرد مسترجعا أنه “بعد مرور قرابة عقدين على تطبيق مدونة الأسرة، وبالنظر لما تعرفه حقوق الإنسان من دينامية مضطردة في ظل مجتمع يتطور باستمرار في اتجاه تعزيز مكانة المرأة ودعم حقوق الطفل، بات من الضروري تقييم نجاعة أحكام المدونة في حماية الأسرة من جهة، ومدى ملاءمتها لمبادئ المساواة والمناصفة التي نص عليها دستور 2011 من جهة أخرى”.