لحظة تفكير

د/ محمد الدرويش*: حول الواقع الحزبي اليوم ؟

أعتقد أن الواقع الحزبي اليوم مقلق ومثير لسؤال عميق حول مدى استطاعة الأحزاب السياسية ، والتي يبلغ عددها اليوم ما يقارب 37 حزباً سياسياً ، القيام بأدوارها التي حـددها لها دستور يوليوز 2011 ، إذ إنها مطالبة بالتكوين والتأطير وإعداد النخب وممارسة الديمقراطية الداخلية في إشراك الجميع ، شباباً ، ونساءً ، ورجالاً ، بل إنها مطالبة بالتواجد في كل المواقع القروية ، والحضرية ، والمساهمة في تدبير وتسيير الشؤون المحلية ، والجهوية، والوطنية عبر المواقع التي يخولها لها الدستور؛ لكن واقع الأمر ، أن أغلب هاته الأحزاب غائبة عن أدوارها المحددة في الدستور ، و القوانين الأساسية محليا ، و جهويا ، و وطنيا ، و دوليا بل إن أغلبها صار دكاكين انتخابية محدودة الرؤيا ، أسست لخدمة الزعيم ، أو القائد السياسي العظيم الذي خلق من أجله ، وعائلته ، وأقربائه هذا الحزب أو ذاك.
فهل يحتاج المغاربة باسم الديمقراطية والتعدد كل هاته الأحزاب السياسية ؟
لا أعتقد ذلك ، لذلك أدعو الساهرين على تدبير هذا الشأن في البلاد ، و كل الفاعلين في كل المستويات ، إلى مراجعة واقع الاشتغال السياسي ، والعمل الحزبي ، والعمل من أجل التقليص من أعدادها ، ووضع شروط موضوعية لتأسيسها ، تحد من البلقنة الحزبية ، وتحد من السمسرة السياسية ، وتدعم الأحزاب الوطنية ذات الأبعاد المجالية، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والتي تؤدي رسالاتها حسب منطوق دستور يوليوز 2011 و كذا القوانين المنظمة ، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين.
فمجريات العملية الانتخابية الأخيرة تؤكد عزوف أعداد كبيرة من المواطنين عن الفعل السياسي ، رغم المجهودات التي بدلتها مجموعة من الأحزاب السياسية ، و وزارة الداخلية في عمليات التسجيل ، بدليل أن ما يقارب 27 مليون في سن ما بعد 18 سنة ، لم يشارك في الانتخابات إلا أقل من 9 ملايين ، و من العدد الإجمالي ، أكثر من 8 مليون شخص غير مسجلين و اكثر من 8 ملايين لم يشاركوا في عمليات التصويت .
فقوة الدولة لا ترتبط فقط بالقوة الاقتصادية ، و بالقدرة على الدفاع عن الوحدة الترابية ، و السياسة الخارجية للوطن ، و بقوة الادخار و غيرها ، بل تمتد إلى المجالات الاجتماعية و السياسية ، و ذلك بوجود أحزاب سياسية ، و مركزيات نقابية ، و نقابات قطاعية قادرة على تأطير المجتمع بكل طبقاته ، و متمكنة من التمثيلية الحقيقية ، و الفعلية لكل الطبقات ، فانفصام هاته الأخيرة عنها ، قد يضر بالاستقرار المجتمعي ، علما أن قوة النقابات من قوة الأحزاب…

* عضو المجلس الوطني للحزب و عضو مكتبه السياسي قبلاً

‏مقالات ذات صلة

Back to top button