‏آخر المستجداتفنون وثقافة

مراكش: خبراء وباحثون يحلحلون أسئلة التنمية والشباب والأمن المائي المغاربي والعربي

(كش بريس/ياسين غلمان) ـ دعت الجامعة الصيفية في دورتها الرابعة، لمنظمة العمل المغاربي، في نهاية اشغالها، يوم أمس السبت بمراكش، إلى إلى استحضار المجال القروي وانتظاراته في السياسات العمومية؛ مؤكدة على أهمية الفكر والثقافة بروافدها الفنية والإبداعية في إرساء عدالة مجالية شاملة ومستدامة.

وشدد المشاركون، في الجامعة الصيفية المغاربية، والتي أطلق عليها المنظمون دورة الراحل الدكتور عبد الغني الخرشي، حول موضوع: “الشباب والعدالة المجالية”، التي نظمتها منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل، والتي شارك في تأطيرها عدد من الباحثين من المغرب وليبيا ومصر، على أهمية الممارسة الديمقراطية كقاطرة لتعزيز العدالة المجالية التي تدعم تحقيق التنمية.

وناقشت الجامعة المذكورة، قضايا مغاربية وعربية مصيرية، استأثرت باهتمام المشاركين وعملت على حلحلة جملة من أسئلة الراهن السياسي والثقافي والاتنموي عموما.

وفي هذا الإطار أشار رئيس منظمة العمل المغاربي إدريس لكريني أن الشباب يشكل نسبة مهمة داخل المجتمعات المغاربية، وهي الفئة الأكثر دينامية وتعلّماً وانفتاحاً وتكويناً في مجال التكنولوجيا الحديثة، حيث أثبتت جدارتها في مختلف المجالات العلمية والعملية، ومع ذلك فهي ما زالت تعيش على إيقاع الكثير من الأوضاع السلبية والإكراهات، بسبب مجموعة من المشاكل المتصلة بالمشاركة السياسية، والاندماج المنتج والمنفتح في بلدانهم، كما أن هذه الفئة تعد الأكثر تضررا من الاختلالات المتعلقة بإشكالية العدالة المجالية ونواقصها.

وأبرز الكريني، في الجلسة الافتتاحية التي ترأسها د.محمد لطفي الباحث المصري في قضايا الحكامة، أهمية الحد من الفجوات الترابية وإعادة التوزيع المتوازن للفرص والإمكانيات، في النهوض بأوضاع الشباب.

أما د.حسن السطوطي أحد أقرباء وأصدقاء الراحل الدكتور عبد الغني الخرشي فأشاد بأخلاق هذا الأخير، وبنشاطاته العملية كطبيب نفسي وبمبادراته الإنسانية ونشاطاته العلمية وفي إطار المجتمع المدني، مؤكدا على أهمية المبادرة لكونها تجسد ثقافة الاعتراف والامتنان.

أما الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها محمد نشطاوي الأستاذ بكلية الحقوق بمراكش، فقد  استهل الجيلالي شبيه الاستاذ بكلية الحقوق بمراكش مداخلته، تحت عنوان اللاتركيز واللامركزية وإشكالية العدالة المجالية بشرحه لمدى تداخل الجغرافيا مع التاريخ مع علم الاجتماع على المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي .وخصوصا الجانب السياسي الذي له علاقة وطيدة بإعداد المجال ، بحيث أكد بعد تعريفه للمجال في علاقته بالمرافق العمومية وتأثره بطبيعة الحكم، ان طبيعة الحكم تأثر على تدبير واحتكار المجال من طرف السلطة الحاكمة. وأضاف أن المغرب عرف محطات أساسية في الحكم عبر اعتماده على عدة أشكال للامركزية كاللامركزية السلالية واللامركزية الاحتكارية فكلما كان هناك تمركز للسلطة يستدعي اجتذاب مناطق أخرى من المجال لتوسيع الحكم.

 واختتم الأستاذ الجيلالي شبيه مداخلته بأن توزيع المجال يتخذ منحى تنازلي وآخر تصاعدي يتجلى في توفر مرافق عمومية وتطرق أيضا للتفاوتات المجالية بين الجهات وداخل الجهات مستدلا بمجموعة من الأرقام والإحصائيات.

وحول موضوع الشباب الليبي والمشاركة السياسية أوضح كل من الدكتور نوري محمد إبراهيم والأستاذة عمار سلامة الباحثين من ليبيا ان الأوضاع القائمة بالبلاد ساهمت بشكل كبير في عزوف الشباب الليبي عن المشاركة السياسية، كما أن التفرقة والنزعة القبلية أثرت بدورها في الأوضاع الحالية للبلاد مؤكدين على أهمية التوافق بين الفاعلين كسبيل لتحقيق التنمية وإدماج الشباب وتحفيزهم على المشاركة السياسية خدمة لمصالح البلاد واستثمار الإمكانات البشرية والطبيعية المتوافرة.

وتناولت كلمة السيدة ليلى ماندي مديرة المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الماء والطاقة بجامعة القاضي عياض، مقاربات حول استهلاك الماء وتدبيره وتوزيعه حول التراب الجغرافي مستدلة بمجموعة من الإحصائيات التي توضح طريقة التوزيع المائي عبر المجال الجغرافي للمغرب كما أشارت إلى المخطط الوطني 2016-2030 PNAM .

وأشارت أيضا إلى السياسة المائية الوطنية من خلال أهمية السدود ودورها في حماية الثروة المائية وترشيدها عبر الاستغلال المعقلن للمياه في ظل ندرة المياه وكذلك تقلص الموارد المائية والتوزيع غير العادل للمخزون المائي كلما تم الاتجاه نحو الجنوب وبالتالي قامت المغرب بإنجاز مجموعة من المشاريع سواء تعلق الامر ببناء السدود ومحطات تحلية المياه ومحطات معالجة المياه العادمة وتدبير النفايات والتطهير السائل.

وتطرق الأستاذ نوفل غيفي أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بمراكش في مداخلته حول موضوع الاندماج الاجتماعي إلى بعض النظريات الفقهية في مجال الاستثمار والتدبير حيث ركز على الجانب التدبير في مجال خلق المقاولة بالإمكانيات المتوفرة بدل الاعتماد بالأساس في خلق المشاريع على الدولة، مشيرا إلى بعض التجارب الدولية التي تم خلالها تدوير بعض النفايات الصناعية خدمة للتنمية وبعض الفئات الاجتماعية المعوزة مثلما تم في الهند، مشيرا أيضا إلى جهود الأستاذ فاطمة المرنسي كباحثة اجتماعية مغربية في هذا الشأن وبخاصة على مستوى الاهتمام بمناطق نائية في المغرب.

وفي الجلسة العلمية الثانية التي أدارها العربي بلا الأستاذ بكلية الحقوق بمراكش، اعتبر مصطفى جاري الأستاذ بنفس الكلية في مداخلته حول رهانات وتحديات تدبير السياسات الترابية المجالية، أن العدالة المجالية تساوي العدالة الاجتماعية، وأن الرهانات تقتضي توجها معينا في السياسات العمومية ولا مجال لمقارنة دولة غنية مع دولة فقيرة ودولة متخلفة مع دولة متقدمة في علاقتها مع الديمقراطية.

كما أن صناعة السياسة المجالية تتطلب شروطا أهمها تدخل فاعلي الدولة حيث أنه عمليا يجب أن يكون توازن بين وجود عمل الدولة كقطاعات وفاعليين وعمل محلي من خلال إمكانات محلية من حيث تمويل المشاريع بإمكانات محلية دون الاعتماد فقط على الضرائب، وفي ختام مداخلة الأستاذ جاري أكد أن المشاركة الفعالة هي مشروع مجتمعي لعقلنة السياسة العمومية وصناعة القرار.

وفي ختام اليوم العلمي الأول للندوة تساءل محمد البوعيادي، أستاذ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة ضمن موضوع السينما والعالم القروي: في الحاجة الى عدالة الفرجة والتلقي، عن علاقة السينما بالعالم القروي من جهة وتعامل الدولة المغربية مع العالم القروي من جهة ثانية، كما استند في مداخلته للتقرير التركيبي للمجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2017، كما تطرق لبعض المحطات التاريخية لنشأة الوعي السينمائي بالمغرب انطلاقا من سنة 1902 مرورا بفترة الحماية وإلى غاية إنشاء المركز السنيمائي 1944 ووصولا الى مرحلة الدعم السينمائي بين 1954 الى 1959 حيث انتقل تدبير قاعات السينما المغربية من الاستعمار الفرنسي الى المملكة المغربية، كما تطرق الأستاذ الى مستويات الفرجة في القاعات السينمائية أو من خلال تنظيم المهرجانات كبديل للفرجة كمهرجان بئر مزوي بخريبكة وملتقى زرهون لسنيما القرية.

وكخلاصة فالعالم القروي غائب في الصناعة السينمائية ولفك العزلة عن العالم القروي وضعت الدولة برنامجا لإحداث 150 دار للشباب كبديل للقاعات السينمائية في أفق إقرار عدالة سينمائية.

واستؤنفت صباح يومه السبت 16 يوليوز 2022 أشغال اليوم الثاني للجامعة الصيفية المغاربية التي نظمتها منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل وبمشاركة عدد من الباحثين حول موضوع: الشباب والعدالة المجالية، بجلسة علمية ثالثة أدارها عبد المجيد أبو غازي، أكد خلالها المصطفى الصوفي الأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي، أن المجال هو موضوع معقد تتداخل فيه كثير من المعارف والقضايا التي تهم الشأن العام ذات بعد سياسي واقتصادي واجتماعي، فهو موضوع غاية في الأهمية حيث أنه مبني على مرجعيات فيها مشارب علمية متنوعة حيث أنه في أي نقاش في هذا الصدد نصادف مشاكل جوهرية في توظيف المفاهيم، وأضاف الأستاذ الصوفي أن العدالة المجالية هي مرتبطة بشكل أو باخر بالبعد التنموي ففي نهاية المطاف العدالة ستعود بنا إلى التنمية من خلال التوزيع العادل للثروات في كل مجالات الدولة والمجال كمفهوم تم تعامل معه من طرف الجغرافيين بشكل اكبر حيث أنه قد يكون عبارة عن وسط طبيعي او بشري وقد يكون  اجتماعي وقد يكون بيئي فالمجال تحدده مجموعة من العلاقات فهو أيضا وعاء للنشاط البشري باعتباره سلوكا فرديا وجماعيا. وخلص الأستاذ الصوفي الى خلاصات مفادها أن المجال والعدالة المجالية تطرح عدة تساؤلات لعدم وضوح المفهوم في ظل تنوع أنواع المجال ،كالمجال العام والمجال الخاص والمجال الاجتماعي و الرياضي و الديني والمحلي الى غير ذلك. كما أبرز في نهاية مداخلته أن مشكل العدالة المجالية لا يمكن حله إلا من خلال النخب المحلية باعتبار أن المجال ومنتوج اجتماعي، وما هو مجتمعي ينتج المجال.

أما مداخلة الاستاذ عبد الرحيم العلام الأستاذ في كلية الحقوق بمراكش التي كانت تحت عنوان الدولة وهامشها القروي نحو عدالة توزيعية للرأسمال الرمزي، فتساءل فيها ب: هل فعلا القرية هامش لأنه في الاصل كانت القرية وفي الاستثناء كانت المدينة ثم تطورنا الى ما نسبته 60 في المئة سكان المدينة واربعون في المئة سكان في القرية.

كما طرح الاستاذ تساؤلا حول أسباب الهجرة من القرية إلى المدينة ولماذا ليس العكس كما هو في الحال في عدد من الدول الأوروبية، حيث أصبح سكان المدن يهاجرون للقرى، وأضاف أن هناك مبدئين في تحقيق العدالة اعتبارا من أن لكل شخص الحق في الحرية والعيش بكرامة وأن المراكز والوظائف ومراكز القرار يجب ان تكون مفتوحة في ظل شروط تضمن الديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص. ليختتم مداخلته بأن الهجرة من القرية إلى المدينة تتمثل في البحث عن شروط العيش الكريم حيث ان ابن القرية محروم من مجموعة من الحقوق كالحق في السينما والموسيقى والملاعب والتعليم باعتبار الفوارق الكبيرة في الخدمات على المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي، ما بين القرية والمدينة.

و خلال الجلسة العلمية الرابعة والتي ترأسها الاستاذ حسن المازوني الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، أشار أيت الحاج  زكرياء الطالب الباحث في سلك الدكتوراه بنفس الكلية، في مداخلته تحت عنوان العدالة المجالية وسؤال التنمية بحوض أوريكا بالأطلس الكبير  الى مجموعة من  المعيقات والاختلالات التي تعيق تحقيق العدالة المجالية، أهمها الخصوصية الجغرافية للمجال والتي تتجلى في صعوبة الوصول للمناطق الجبلية البعيدة عن المركز بسبب ضعف الشبكة الطرقية والتضاريس الوعرة بالإضافة إلى المشكل التنظيمي والاداري والذي يبقى من أبرزه غياب المخططات والوثائق التعميرية التي توثق للمجال و غياب تصاميم التهيئة التي تراعي خصوصيات كل مجال على حدة .

بالإضافة الى ما سبق، ختم الباحث أن من بين أهم المعيقات أيضا هناك غياب الإرادة السياسية التي تحول دون تحقيق العدالة المجالية بالمناطق الجبلية وخصوصا على ضفاف الوديان المهددة بالفيضانات.

ومن جهتها فقد أشارت عفيفة بلعيد الباحثة في علم السياسة من خلال مداخلتها المتعلقة بشبكة التواصل الاجتماعي والمشاركة السياسية للشباب إلى أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية وذلك راجع بالأساس الى المشاكل والإكراهات التي يواجهها الشباب داخل الأحزاب السياسية أبرزها  غياب الديمقراطية و إقصاء الشباب وتهميشهم داخل التنظيمات الحزبية ومشكل الشبت بالكراسي والصراعات الحزبية .

وخلصت الأستاذة عفيفة في مداخلتها إلى أن هذه العوامل ساهمت في نزوح الشباب نحو فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي وذلك للتعبير عن أرائه وللحصول على مزيد من الحريات ولاسيما التي تناقش المواضيع المرتبطة بالمواطن وفي الختام أشار المنتصر المير الطالب الباحث في الإعلام، ضمن مداخلته حول موضوع الإعلام الرقمي كرافعة للتنمية المجالية، إلى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام الرقمي من خلال المساهمة في جلب مشاريع تنموية للمجال عن طريق التعريف بخصوصيات المجال والتواصل السلس مع الجهات الداعمة من خلال استثمار هامش الحرية التي تتيحها هذه الشبكات، مستدلا بذلك بنماذج من مشاريع تنموية، لمجموعة من المناطق وما تزخر به من إمكانيات سياحية كمنطقة وليلي وزرهون وسلا.

وقد خلصت الجامعة إلى مجموعة من التوصيات، كما يلي:

  • الدعوة إلى استحضار المجال القروي وانتظاراته في السياسات العمومية؛
  • التأكيد على أهمية الفكر والثقافة بروافدها الفنية والإبداعية في إرساء عدالة مجالية شاملة ومستدامة؛
  • التأكيد على أهمية استثمار الإمكانيات السياحية التي تزخر بها عدد من المناطق المغربية في إطار الحد من الفوارق المجالية؛
  • التأكيد على أهمية الممارسة الديمقراطية كقاطرة لتعزيز العدالة المجالية التي تدعم تحقيق التنمية؛
  • التأكيد على دور النخب المحلية والنخب الإدارية والمدنية في كسب رهان العدالة المجالية؛
  • توفير شروط العيش الكريم بالقرية من خلال سياسة تنموية تعتمد بالأساس عللا خدمات القرب ومن خلال سياسة اجتماعية تحول دون هجرة سكان القرى والمداشر والهوامش إلى المدينة؛
  • جعل العدالة المجالية ترتبط بالخصوصيات الجغرافية والجيولوجية للمجال؛
  • تأطير الشباب داخل الأحزاب لتشجيع المشاركة السياسية؛
  • استثمار الإعلام الرقمي وجعله رافعة لتنمية المجال من خلال التعريف بمؤهلاته؛
  • توظيف التكنولوجيا الحديثة في تعزيز ودعم العدالة المجالية؛
  • لعدالة المجالية مدخل أساسي لإحقاق العدالة الاجتماعية لما تضمنه من توزيع متوازن ومتكافئ للتقسيم الترابي، والاستثمار والاستفادة المتوازنة مما يختزن في بلد من البلدان من ثروات طبيعية وطاقات بشرية؛
  • التأكيد على مسؤولية الدولة الأساسي في تحقيق العدالة المجالية؛
  • أهمية الذكاء الترابي في تحقيق هذا الرهان.
  • التأكيد على أهمية رسم سياسات تدعم الأمن الغذائي والمائي في ظل التحديات البيئية والتحولات الدولية المتسارعة.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button