‏آخر المستجداتلحظة تفكير

مصطفى سلمة: هكذا يحسم المغرب نزاع الصحراء ميدانيا..

ـ في سعيه لحسم ما تبقى من نزاع الصحراء ميدانيا، كيف أجاد المغرب اللعب طبقا لنظرية (game theory) حوادث “كٌارزرز” نموذجا ـ

منذ إعلان جبهة البوليساريو التنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار و العودة للحرب ضد المغرب، شهدت منطقة “كٌارزرز” الواقعة في قطاع “كٌلتة زمّور” على الحدود بين موريتانيا والمناطق الصحراوية شرق الحزام، عدة حوادث مميتة استهدفت فيها مسيرات مغربية مركبات داخل منطقة النزاع، دون أن يعلن المغرب عن ذلك رسميا، بينما تعددت بلاغات جبهة البوليساريو العسكرية عن استهدافها للقواعد المغربية في نفس القطاع: “كٌلتة زمّور”.

قبل العودة للحرب كان العديد من الاشخاص يرتادون “كٌارزرز” للتنقيب السطحي عن الذهب، رغم ان البوليساريو ظلت تحاول منعهم بحجة ان المنطقة عسكرية، و احيانا تصادر معداتهم. و بعد العودة للحرب صارت منطقة التنقيب خطرة بسبب قربها من الحزام الدفاعي المغربي الذي يرى بالعين المجردة من داخل الاراضي الموريتانية.

المتتبع لبلاغات البوليساريو العسكرية يلاحظ أن النسبة الاعظم منها تتركز في قطاع “المحبس” المتاخم ل”تيندوف” يليه قطاع “كٌلتة زمّور” المقابلة لبلدة “بير ام اغرين” الموريتانية، حيث لم يترك الحزام الدفاعي المغربي شبرا واحدا لعبور قوات البوليساريو نحو الجنوب منذ يناير 1984، مما اضطرها لعبور الاراضي الموريتانية منذ ذلك التاريخ حتى الامس القريب حسب آخر بلاغ للجبهة.

و لأن المنطقة بما فيها المغرب كانت قد طبعت مع عبور عسكر البوليساريو الاراضي الموريتانية من جهة “بير ام اغرين” منذ امد بعيد، فلم يكن من اليسير تغيير ذلك الوضع غير الطبيعي فجأة دون مسوغات جديدة تفرض مراجعته.

و هنا كان لابد على المغرب صاحب المصلحة الاولى في منع قوات جبهة البوليساريو من مهاجمته في الجنوب، من الابتكار لفرض معادلة جديدة على الارض تحقق له مقاصده، ويمكن تحليل ما قام به المغرب عبر “نظري اللعبة، التي تعرف بأنها وسيلة من وسائل التحليل الرياضي لحالات تضارب المصالح، للوصول إلى أفضل الخيارات الممكنة، لاتخاذ القرار في ظل الظروف المعطاة، لأجل الحصول على النتائج المرغوبة”.

استغل المغرب بلاغات البوليساريو العسكرية، و أشهد قوات المينورسو على بعض الحوادث تعرضت فيها قواته لحالاث اطلاق مقذوفات من خارج الحزام، لشرعنة الرد على تهديدات البوليساريو، و فرض واقع جديد على الارض من خلال اعتبار كل هدف متحرك (و خاصة المركبات) هو تهديد محتمل.

في الشمال بعد استهداف الشاحنات الجزائرية الثلاثة قرب “بير لحلو” في الاشهر الاولى من الحرب، تم التسليم بان المناطق شرق الحزام محظورة، و لم يعد يعبرها احد منذ 2021. و من وقتها لم تعد هناك مساحة لتحرك البوليساريو الا عبر الاراضي الموريتانية كما جرت العادة منذ 1984.

لكسر تلك القاعدة كان لابد على المغرب من فرض واقع جديد في منطقة غير مستفزة لجميع الاطراف، و لم يكن افضل من منطقة “كٌارزرز” التي يختلط فيها النشاط المدني (التنقيب عن الذهب) غير المشرع من اية جهة و النشاط العسكري للبوليساريو في قطاع “كٌلتة زمّور”.

حوادث استهداف مركبات داخل المنطقة العازلة قرب الحزام الدفاعي، بما فيها سيارات تعود لمنقبين عن الذهب، خلف عدد من الضحايا المدنيين الموريتانيين، و بات يشكل ضغطا على الحكومة الموريتانية رغم تحذيرها مرارا و تكرارا لمواطنيها من ولوج المناطق الصحراوية الخطرة.

ولم يكن من الوارد ان تحتج حكومة موريتانيا على المغرب ما دامت الحوادث وقعت في منطقة حرب تتعرض قواته فيها للقصف المتكرر. و الحل الوحيد امامها هو وضع حراسات على حدودها لمنع مواطنيها من ولوج المناطق الخطرة أو بالاحرى حمايتهم، وهذا الاجراء سيحقق للمغرب منع قوات البوليساريو أيضا من الدخول والخروج من نفس المنطقة المحرمة على ولوج الموريتانيين أنفسهم.

و لأنه من الصعب على موريتانيا لدرجة المستحيل وضع حراسات على كامل حدودها مع الصحراء، فسيكون الحل العملي هو معالجة المشكل من المصدر أي عبر حصر ولوج التراب الموريتاني على المدنيين الصحراويين، من خلال المركز الحدودي “اسماعيل ولد الباردي” الرابط بين موريتانيا و “تيندوف”.

بهذا الاجراء ستنتفي حجة استهداف مدنيين موريتانيين على الحدود الجنوبية من الصحراء، إذ لن يكون هناك غيرهم، فيتحقق لموريتانيا حماية مواطنيها و للمغرب بسط نفوذه على الارض و اتصال حدوده السيادية مع موريتانيا في مناطق كان ضمها سيتطلب جهدا عسكريا كبيرا، و قرارا سياسيا مكلفا.

وربما نكون نعيش اللحظات الاخيرة من اللعبة، رغم محاولات خصوم المغرب المتاخرة التأثير في النتيجة الحتمية.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button