‏آخر المستجداتفنون وثقافة

قراءات في المنجز القصصي لقاص الحمراء أبو يوسف طه

إعداد: عبد المجيد ايت اباعمر

     أبو يوسف طه كاتب مجدد ومخضرم؛ قليل الظهور في ما يشبه العزلة أو الزهد في الأضواء. مسيرته الإبداعية تجاوزت خمسة عقود؛  يتوزع إنتاجه بين الكتابة القصصية؛ والروائية؛ والمسرحية؛ والمقالة النقدية. تجربته تعد صورة حية ودالة على مسارات وإنجازات القصة القصيرة بالمغرب؛ مع التأكيد على فرادة وخصوصية تجربته. لهذا أصابت مؤسسة الأعمال الإجتماعية للتعليم فرع مراكش حين جمعت ثلة من الأساتذة الباحثين والنقاد مساء الأربعاء 24/06/2025 لتقديم قراءة في “الإبداع القصصي لقاص الحمراء أبو يوسف طه” بتنسيق مع النادي الأدبي، في رحاب نادي المدرس بمراكش.

     لقاء تضمن قراءات عاشقة لمنجزه القصصي على مستوى المحكي والخطاب؛ يتميزفي مجمله بلغة كثيفة شاعرية وشفافة؛ ورسالة مقرونة برؤية حياتية، مؤمنة بتجاوزعوائق الواقع وقساوته وإحباطاته…لكاتب جدير بالاحتفاء ورد الإعتبار…، نصوصه قوية ومتوهجة بالفكر الثاوي في أعماقها، غير مجثتة عن شجرة أنسابها، مستوعبة للشرط الإنساني الذي تعيش فيه…

   في البداية تطرق الدكتورعبد العزيز لحويدق أستاذ البلاغة والتأويليات بكلية اللغة العربية بمراكش؛ إلى طبيعة الكتابة القصصية عند أبو يوسف طه، التي تمتح من مقروءاته المتعددة، ومخزونه المستوحى من محيطه المراكشي، ومحكيات جدته الخرافية، موظفا الحكاية للتعبير عن عالم سحري أخاذ يتراوح بين جدلية الضوء والظلمة…، وفق بلاغة غير متسقة للنفاذ إلى أسرار الوجود و جوهر الإنسان…

    وقدم الدكتور عبد اللطيف عادل أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بكلية اللغة العربية بمراكش، قراءة في المجموعة القصصية:”سفر في الأرخبيل” الصادرة سنة 2014، مبرزا تنوع الموضوعات القصصية [القصة الأحجية؛ القصة العجائبية؛ القصة الشاعرية…] واتساع مضامينها الزاخرة برصيد غني من الحكي الشعبي، وخبرة فنية تقتنص تناقضات الواقع بذكاء. راصدا – بعين الناقد – مساحات القلق الذي يمتد في قصص أبو يوسف طه، ومسحة الحزن التي تخيم على شخصياته..دون أن ينسى التأكيد على محلية قصص الكاتب المخزونة مفاتيحها على حدود مراكش؛ تربة الولادة والنشأة، وفضاء الكتابة والحياة …

   أما الباحث الدكتور رشيد برقان فتمحورت مداخلته حول:”تأملات في التجربة السردية لأبويوسف طه”؛ معتبرا هذا الأخير أحد الفاعلين في دينامية الأدب المغربي الحديث، مشيرا إلى بعض مظاهر السرد لديه، ومبرزا دوره المميز في تنشيط الفعاليات التخييلية ونقل العالم الهامشي في مساحات بوح كبيرة، تنتصر فيها اللغة بمعجم غير متناغم، وينتصب الوصف مع مسار الشخصيات وأحوالها النفسية…

    وركز الناقد والمترجم سعيد بوعيطة في مداخلة تحت عنوان:”الواقع والمتخيل في النص القصصي المغربي؛ أبو يوسف طه نموذجا” على مميزات السرد القصصي للمحتفى به؛ واصفا إياه باعتباره قامة أدبية رسخت بشكل رصين ومتميز أسلوبها القصصي، الذي يجنح نحو منزع التطور، ممارسا نوعا من التجاوز على عدة مستويات، متوقفا مليا عند سمات تجربة أبو يوسف طه خاصة في المجموعة القصصية:”سلة العنب” التي استأترت بالاهتمام، والتي أوجزها في ثلاث خاصيات: الواقعية الموضوعية؛ والسرد الذاتي [هيمنة ضمير المتكلم]؛ والسرد العجائبي القائم على إثارة الدهشة لدى المتلقي.

    وبدافع التقدير لشخص المحتفى به، ومكانته الاعتبارية في رسم ملامح القصة القصيرة بالمغرب؛ أدلى الكاتب والمؤرخ أحمد الزيادي – الذي اصطف ضمن الحضور- بشهادة في حق الكاتب أبو يوسف طه مفعمة بالإحترام لأديبا الجم؛ مسترجعا ذكريات دراستهما معا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، وإعجابه المبكر بقصصه التي كان ينشرها في الملحق الثقافي لجريدة: “العلم”…إعجاب نشأت عنه صداقة امتدت عبر الزمن.

وفي خضم تفاعل الحضور؛ نعت الأستاذ موسى مليح القراءات المقدمة -خلال هذه الأمسية – بالعاشقة للإبداع القصصي لأبو يوسف طه؛ القاص الذي يستحق التفاتة جادة من الحركة النقدية ذات الطابع المعرفي الأكاديمي، مستغلا الفرصة للترافع عن هذا الجنس الأدبي الجميل والعميق والممانع؛ في اتجاه تحصينه، وتحفيز مبدعاته ومبدعيه الحقيقيين.

   واختتم هذا اللقاء؛ الذي أدار فقراته باقتدارالدكتور فتح الله مصباح، وافتتح أشغاله الكاتب العام لمؤسسة الأعمال الإجتماعية للتعليم فرع مراكش الدكتور عبد الحفيظ ملوكي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button