المجتمعلحظة تفكير

أذ/ م عبد الواحد الطالبي: الحماية الاجتماعية في المغرب مفهوم متخلف عن سيرورة المجتمع ومعايير الإنسانية

ما تزال أنظمة الحماية الاجتماعية في المغرب قاصرة عن إنصاف فئات المسنين العجزة الذين تتسع قاعدتهم في الهرم السكاني لبلادنا فيما ظل مفهوم الحماية متخلفا عن استيعاب التحولات المجتمعية والظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستجدة.

وفي أفق المراجعة الشاملة لمنظومة الحماية الاجتماعية نهاية هذا العام، يبقى الرهان على تعميم التغطية الصحية وتوسيع قاعدة المستفيدين من معاشات صناديق التقاعد إجراءا ناقصا ما لم تصاحبه تدابير عملية لإحقاق العدالة الاجتماعية بمواجهة جريئة وعاجلة لإكراهات السوق الذي يمسك به الاحتكار في المواد الدوائية والتطبيبية والأخرى ذات الصلة بتوفير حد أدنى من خدمات الحماية لاسيما لدى المستضعفين. فليس التمكين من بطاقات التأمين الإجباري عن المرض أو التسجيل في نظام من أنظمة الحماية الاجتماعية أو ملاءمة الإطار القانوني للحماية الاجتماعية مع المعايير الدولية في هذا المجال كل ذلك وحده كفيل بضمان الخدمات التي تتيح

للمواطن المغربي كرامته وتشعره بالمواطنة الحقة التي لا يؤدي بواجبها على حساب مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه لفائدة علاجه ورعايته خصوصا في مراحل الوهن في أرذل العمر…

إن كثيرا من الأدوية والعلاجات غير مشمولة بالتغطية والتأمين رغم كلفتها المادية وكمية الحاجة إليها ومنها مرهمات ودهون ومحاليل وضمادات وأيضا أدوية وعلاجات إضافة إلى الحفاظات لكبار السن ومثلها من المواد شبه الطبية.

وتحصر الوكالة الوطنية للتأمين الصحي قائمة العلاجات الخاضعة للتعويض عن الأدوية على وصفات تهم كثيرا من الأمراض لكنها تتجاهل أمراض الشيخوخة والعجز التي كانت أبعد عن المجتمع المغربي قبل أن تتسع في السنوات الأخيرة قاعدة المسنين في هرمه السكاني وقبل أن تتطور السوق الوطنية في المواد التي تحتاجها الرعاية بالمسنين في حال الرقود والعجز التام عن الحركة وقضاء الحاجات الطبيعية ذاتيا وبشعور ووعي.

ويثقل غلاء هذه المواد التي ما تزال الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ومعها منظمات الاحتياط الاجتماعي تعتبرها من الكماليات وحاجة الرفه فيما هي أساسية لحفظ الكرامة الإنسانية والحد من المخاطر الصحية والتخفيف من مضاعفات تآكل الجلد بسبب البتور وأثر الفراش على الجسد…

كما تثقل فواتير رعاية المسنين سواء في دور العجزة أو في المراكز المتخصصة أو داخل البيت العائلي ميزانيات أرباب الأسر وتلقي بهم مهما تكن لديهم من إمكانات مادية في أتون الفقر والفاقة فبالأحرى ذوو الدخل المحدود.

وإن الهيكلة الحكومية الجديدة التي أسندت الحماية الاجتماعية لوزارة الصحة وجعلت منظمات الاحتياط الاجتماعي والتأمين الصحي تحت وصاية وزارة الاقتصاد والمالية، لمدعاة الى أجرأة تدابير الحماية الاجتماعية بمنظور جديد لا يهم وفقط المواطن في نفسه وبذاته ولكن في نسيجه الاجتماعي الأسري والاقتصادي البيئي وفق رؤية تتغي رفع الأعباء عن الطبقة الوسطى المحكومة بالمعايير الأخلاقية التي تتحمل تكاليف علاج الأقرباء والرعاية بالمسنين منهم.

والورش الاجتماعي الحقيقي ضمن المشروع الكبير للحماية الاجتماعية هو إعمال الحكامة والأجرأة الواقعية للتدابير المسطرة والمراجعة الفعلية للأسعار بتخفيض الأثمان ومراقبة الالتزام بها وتعميم التعويض عن الوصفات العلاجية في إطار الشفافية والوضوح، وعدا ذلك فكل حديث عن الحماية الاجتماعية مجرد كلام غير قابل ان يكون ممارسة واقعية.

(انتهى)

‏مقالات ذات صلة

Back to top button