‏آخر المستجدات‏صوت المواطنلحظة تفكير

مصْـطَـــفَى غَـــلْمَــان: بوليغراف إعلامي لكشف الكذب


ماذا لو كان لدى أجهزة أخلاقيات الصحافة، جهاز امتثالي لكشف مصداقية الخبر ومدى تأثيره في منظومة الرأي العام، حيث يتمكن عن طريق إحدى أساليبه الرقمية المستحدثة، أن يقيس أو يسجل أهم المؤشرات الذهنية والفيزيولوجية ، كنوع من استجابة الجهار إياه لعملية التحليل والتدوير الافتراضي للمعلومات الواردة عليه، أثناء طرح الأسئلة وقابلية الاستجابة والتجاوب إزاءها. بحيث يعتمد الجهاز على فكرة تسبّب الإجابات المضللة بحدوث استجابات معينة يمكن تمييزها عن تلك المرتبطة بالإجابات غير المضللة.

وهكذا سنتمكن من إضافة طفرة رقمية في إطار ما أصبح يسمى بالذكاء الاصطناعي، يتم من خلالها ضبط الممارسة الصحافية وتدبير شؤونها التنظيمية وتقليص مشاكلها القضائية والأمنية والأخلاقية، وما إليها.
نعم، جهاز كشف (الكذب الإعلامي)، ينفرد فيه المتتبع للأخبار والمنشورات ومختلف مصادر المعلومات، إلكترونية كانت أو ورقية، أو بصرية حتى، (ينفرد) باختبار مدى صحة الوارد من المعلومات والأخبار عن طريق الاستجواب والفحص وإدارة الموقف.
هذا الحلم اليوطوبي، الذي يتماهى مع جهاز كشف الكذب الشهير، (الذي يعني الفحص الفيزيولوجي النفسي للكشف عن الكذب)، والمستعمل في كبريات الإدارات الغربية، والتي تمت تجربة كفاءتها في مختلف الهيئات العلمية والحكومية هناك، يوائم تطلعات العاملين في قطاع الإعلام والصحافة، خصوصا وأن أخطر الإشكاليات المطروحة راهنا في هذا المجال، تتعلق بانتشار الأخبار الرقمية المضللة والتي زادت من استخدامها ما أصبح يسمى ب”الصحافة الصفراء”، وهي غير كافية وغير صالحة لتقييم الصدق، كما هو الشأن بالنسبة لحالات تتضرر جراءها فئات مجتمعية عريضة، فتكون ضحية اهتزازات وتورمات تكون في الغالب حربا غير معلنة ومظهرا من مظاهر التمييع والتفاهة وعدم النضج والوعي المجتمعيين.
ورغم أن الحكومات تنزع إلى تشريع عقوبات زجرية قاسية للحد من انتشار مثل هذه الأوبئة الأخلاقية، مثلما هو الحال بالنسبة للمغرب، الذي اعتبر جريمة نشر الأخبار الزائفة، في القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، الصادر في 15 غشت 2016، أفعالا ماسة بالنظام العام، وذلك بعد تحديد عقوبة الإساءة للدين الإسلامي أو النظام الملكي أو التحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة (الفقرة الأولى من المادة 71) وتحديد عقوبة التحريض المباشر على ارتكاب جناية أو جنحة أو التحريض على التمييز أو الكراهية بين الأشخاص (الفقرة الثانية من المادة71 )، وما إليها من مواد قانونية أخرى، كالتي وردت ضمن العقوبات المشدّدة في قانون الصحافة والنشر، وكذا الخالي من العقوبات السالبة للحرية. رغم كل ذلك، فإن استمرار نزيف الخروقات في مجال تعددت فيه الجرائم وانتشرت بشكل فظيع، بعد إغراق وسائل التواصل الاجتماعي ومختلف التطبيقات الإلكترونية الهائلة، سيستدعي من خبراء عالم الإعلام والمعلوميات، انتقالا تكنولوجيا ورقميا متوازيا وسرعة التقائية (الكذب والبروبجندا) في باراديجم الأمن الإعلامي والسيبراني الفتاكين، وإعادة تشكيل جيل جديد من الخطابات السوسيوإعلامية والثقافية القريبة من مفاهيم تحليل العلاقة بين الإعلام والمجتمع و عولمة الإعلام والمفاهيم المطابقة لنظر السوسيولوجيا، بالإضافة إلى اكتشاف أدوار جديدة حول أبعاد ومضامين وسائل الإعلام الجديدة واستعمالاتها وفق وضعيات الهوية الثقافية واللغوية والدينية وغير ذلك .

‏مقالات ذات صلة

Back to top button