قضايا العدالةلحظة تفكير

أذ/ أحمد أبادرين: عودة إلى النظام المالي لهيئات المحامين بالمغرب

من المفروض أن تبدأ المجالس أعمالها، بإقرار ميزانية سنوية مع بداية شهر يناير، يتقيد بها الأمين عند الصرف تحدد فيها التوقعات حول المداخيل والنفقات وتحديد الأولويات. كما يتم تعيين مراقب للحسابات في نفس الوقت.

هذا هو منطوق القانون الحالي. يمكن للميزانية أن تعرف عجزا تصبح معه المجالس عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه بعض المؤسسات المتعاقد معها (شركات التأمين عن المسؤوية والصندوق التعاضدي للتقاعد أو للاستشفاء).

وعندما يتصرف المجلس في المالية بدون تخطيط أو يدخل في التزامات تفوق قدراته المالية، فإن مخاطر وقوعه في العجز المالي واردة بكثرة. خاصة في غياب وكيل حسابات مختص.المداخيل الأساسية القارة للهيئات تأتي من أربعة موارد الأول الاشتراكات والثاني رسوم الدمغة والثالث رسم المرافعة والرابع عائدات حساب الودائع.رسم المرافعة أو ما نسميه ب (حقوق المرافعة Droit de Plaidoirie) هو رسم أحدث في فرنسا بأمر ملكي Ordonnance Royale سنة 1667.

وفي المغرب أحدث هذا الرسم بمقتضى ظهير 4 مارس 1947 منشور بالجريدة الرسمية بالفرنسية عدد 1799 صفحة 323. أما النص الذي ينظم حاليا هذا الرسم فهو قانون المالية لسنة 1984 المنشور بالجريدة الرسمية بالعربية عدد 3730 مكرر. وفي الصفحة 531 نجد الباب الثالث من الملحق يتحدث عن رسم المرافعة ويقول عنه في الفصل 65 “يقبض كذلك من المدعي عن كل دعوى أصلية في المادة المدنية أو التجارية أو الإدارية رسم قضائي يدعى رسم المرافعة، ويدخل في المصاريف المصفاة، ومبلغ هذا الرسم عشرة دراهم سواء أمام المحكمة الابتدائية أو أمام محكمة الاستئناف” (في فرنسا تم رفع هذا الرسم إلى مبلغ 8,84 يورو منذ ماي 1989 أي ما يقرب مائة درهم).

أما الفصل 66 من نفس الملحق فينص على أنه (يدفع كاتب الضبط رسم المرافعة في نهاية كل شهر إلى أمناء مختلف نقابات المحامين “يقصد هيئات المحامين”… وتخصص الهيئات هذه المبالغ لسد حاجات مشاريع الاحتياط والمساعدة العاملة تحت مراقبتها. ويمكن أن تطلب وزارة المالية اطلاعها على محاسبة “نقابات” المحامين). وقد نقل هذا النص حرفيا بخصوص وجه الاستعمال عن النص الأصلي لسنة 1947.

إن ملايين الدراهم وربما الملايير من حقوق الـمرافعة، لا تستخلص في نزاعات وحوادث الشغل ولا نعلم شيئا عن مصيرها علما أن حقوق المرافعة تستخلص من المنفذ عليه لأنها تدخل في المصاريف المصفاة في القضايا المعفية من أداء الرسوم القضائية (قضايا منازعات الشغل وحوادث الشغل والأمراض المهنية وقضايا النفقة وباقي القضايا التي يتمتع فيها المدعون بالمساعدة القضائية مثل قضايا المسئولية التقصيرية…).

ونستغرب لخلو التقارير المالية لبعض الهيئات من أية إشارة للمبالغ المستحقة للهيئات عن هذا الباب كما لا تشير إلى الخطوات التي سلكتها مجالس الهيئات لاستخلاص هذه المستحقات. علما أن المسؤولية كاتب الضبط حسب القانون.ونتساءل أيضا هل تصرف هذه المبالغ فيما خصصت له بمقتضى القانون (أي التقاعد والمساعدة الاجتماعية) أم أنها تحول إلى حسابات التسيير لتغطية العجز الذي قد تعرفه الميزانية؟ وهل تضطلع وزارة المالية بمهامها في مراقبة أوجه صرف المبالغ المستخلصة في هذا الباب؟أما الاشتراكات السنوية التي يؤديها كل محام بصفة متساوية ورسوم الدمغة التي يؤديها كل محام عن كل قضية فتحدد بمقتضى قرار مجلس الهيئة ويختلف مقدار الاشتراكات ورسوم الدمغة من هيئة إلى أخرى.

عائدات حساب الودائع تخضع في جزء منها للتفاوض مع الأبناك وفي الجزء الآخر إلى اقتطاعات مقابل الخدمات تحدد بمقرر تنظيمي من المجلس ويشار إليها في النظام الداخلي لحساب الودائع.وعندما تكون أبواب المداخيل محددة ويمكن التنبؤ بنسب استخلاصها، فإنه من غير المعقول أن يتم تدبير المالية بدون مخطط ميزانية.

قد تكون هنالك مداخيل استثنائية نتيجة انخراطات جديدة ولكنها تبقى استثنائية لأنها غير متوقعة.جانب آخر يكثر فيه الحديث بين المحامين ويتعلق بجدوى بعض النفقات وبالدرجة الأولى نفقات السفريات ويطرح السؤال عن مردودية هذه السفريات التي لا يقدم عنها أي تبرير بحيث تكتفي التقارير المالية والأدبية بالإخبار فقط دون بيان حصيلة مردودية النشاط ومدى استفادة المحامين من تلك المشاركات.

بعض الهيئات تتوفر على مشاريع ضخمة ذات الصبغة الاستثمارية لكن التقارير المالية لا تتضمن تفصيلا عن توقعاتها المستقبلية من حيث التحملات والمداخيل طبقا لقواعد الموازنة نظرا لعدم تخصصها في المجال.وعندما لا يرضى المحامون على تدبير شؤونهم المالية والأدبية أليس من حقهم عقد دورة استثنائية لهيئتهم الناخبة لسحب الثقة وانتخاب نقيب ومجلس جديد للحرص على ضمان الشفافية والتدبير المعقلن لأموالهم؟.

إذا كان القانون المنظم للمهنة لا يسمح بذلك فإن على المشرع التدخل لإعادة النظر فيه بكيفية تسمح للمحامين بممارسة حقهم في الرقابة والمساءلة طبقا لمبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة الذي أقره الدستور الجديد.كما تبدو ضرورة إصدار نص تشريعي خاص بنظام مالية الهيئات يحدد طرق مراقبتها وأوجه صرفها ويرتب الأولوية لتمويل تقاعد المحامين وتخصيص نسبة من المداخيل ترصد لزوما لهذا الغرض. ونسبة أخرى خاصة بالتكوين والتكوين المستمر.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button