‏آخر المستجداتلحظة تفكير

*عبد الله العلوي: المغرب وباكستان

تتطور علاقات المغرب بجمهورية باكستان الإسلامية تطورا حثيتا ومطردا بعد جمود هذه العلاقات لعقود والناتج عن غياب السياسة الخارجية للبلدين خارج محيطها الجغرافي، فالدبلوماسية المغربية اهتمت بشدة بالجوار الجغرافي للمغرب، ونفس الأمر بالنسبة للدبلوماسية الباكستانية، ويبدو أن هذا صار من الماضي، إذ تعرف العلاقات بين البلدين دينامية متجددة. وباكستان التي استقلت عن إنجلترا، وانفصلت عن الهند في 14 غشت 1947 في إطار جمع المسلمين الهنود في دولة واحدة هي مناطق تجمع المسلمين في غرب وشرق القارة الهندية، فيما انفصلت بنغلاديش “باكستان الشرقية سابقا” في 1971 عن باكستان “باكستان الغربية سابقا”.

وتعود علاقات المغرب بباكستان إلى التاريخ المشترك للهند عندما كانتا بلدا واحدا، أما في العصر الحديث فقد لعبت باكستان دورا هاما في التعريف بالقضية المغربية أثناء مرحلة الحماية الفرنسية 1912-1956. وقد ارتبط رائد الدبلوماسية المغربية المرحوم أحمد بلافريج -توفي عام 1990- بالدولة الباكستانية التي سلمته جواز سفر باكستاني وحضر ضمن الوفد الباكستاني مناقشات القضية المغربية في عام 1955 بمقر الأمم المتحدة. وكان رئيس الدورة ظفر الله خان وزير الخارجية الباكستاني آنئذ، وفور استقلال المغرب في 02 مارس 1956 تولى منصب وزارة الخارجية ذ. أحمد بلافريج، وعين السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه ذ.مجيد بنجلون سفيرا في باكستان وذلك سنة 1957، وهو من المثقفين الكبار وله عدة كتب منها “في الطفولة“، ومن الصدف أن مساحة باكستان تعادل تقريبا مساحة المغرب، إذ مساحة باكستان 881.640 كلم2، ومساحة المغرب 710.850 كلم 2 ، رغم التفاوت السكاني، إذ عدد مواطني باكستان 230 مليون نسمة، مع العلم أنها تتوفر على مناطق خصبة بدرجة عالية، إذ أن منطقة البنجاب أو خمسة أنهار كما يعني الاسم تتم الزراعة فيها 3 مرات في الموسم الواحد، كما يشكل البنجابيون 65 % من سكان باكستان أو أرض الأطهار، ويشكل أتباع المذهب السني 90% من سكان البلاد مع أقلية شيعية.

وتتميز باكستان بنهضة علمية ضخمة، إذ تعتبر جامعاتها من أهم الجامعات في العالم، خاصة في الطب والعلوم الحديثة والفيزياء. وقد فاز بعض علمائها بجائزة نوبل في العلوم، كما ترتبط بعلاقة جيدة بدول الخليج العربي، فالجيش السعودي خاصة كتائب المدرعات تتألف من جنود باكستانيين، كما أن الإمارات والبحرين تعتمدا على النخبة العسكرية الباكستانية في الأمن والجيش، وتعتبر المخابرات الباكستانية من أكفأ الأجهزة في العالم وقد ترأسها في مرحلة الصراع مع أفغانستان -1979-1988- الجنرال حميد غول وبعده الجنرال شمس الرحمان وبعده الجنرال أحمد محمود في مرحلة الهجوم على طالبان في 2001، ويعمل في الخليج العربي والسعودية خمسة ملايين مواطن باكستاني لمعادلة التواجد الهندي. كما أن باكستان دولة نووية مُعلنة منذ التفجير النووي لإسلام آباد في 1998، وتُنعث القوة النووية الباكستانية بالقنبلة الإسلامية، ولباكستان موقف صارم من القضية الوطنية المغربية باعتبار الوحدة الإسلامية التي يجب أن تسود المناطق والدول الإسلامية.

ورغم ضعف التبادل الاقتصادي المغربي/ الباكستاني الذي قد يرجع إلى البعد الجغرافي وانعدام خطوط الطيران بين البلدين الناتج عن جمود العلاقة بينهما خلال السنوات الماضية، فإن الاهتمام الحالي قد يؤدي إلى تهيئ برامج اقتصادية وزراعية بين البلدين، خصوصا أن باكستان تتوفر على برنامج زراعي ضخم في حاجة إلى الأسمدة المغربية، كما أن جامعاتها قد تستقبل الطلبة المغاربة، خصوصا في ميدان الطب والفيزياء والطيران والزراعة، فضلا عن اهتمامات أخرى، إذ أن ربط العلاقة بدول مثل باكستان أفضل من كيانات مساوئها أكبر من حسناتها على المغرب.

*باحث      

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


Back to top button