‏آخر المستجداتلحظة تفكير
‏ترند

افتتاحية “كش بريس” : على هامش انتخابات اقتراع 8 شتنبر .. الوعود والشهود

افتتاحية “كش بريس” : على هامش انتخابات اقتراع 8 شتنبر .. الوعود والشهود

سار على لساننا كلما تشبتنا بالأمل، أن الوعد الكذوب يهدر حين همه بالوصول. فهو مهدور بفعل تصديق الكاذب للشيء. وتقول العرب، كما جاء في قاموس المعاني : “وَعد بالقمر: أي مَنَّى بالمستحيل، أو بغير الممكن”. 

ومن أجمل مفارقات الوعد، أن مفهومه لا يتحدد فقط بسوء الوفاء وقلة المروءة، بل يتعدى ذلك، إلى الإنذار والتهديد وشر العقاب. ولهذا نقول، وعَد فلانًا : أي أنذره وهدَّده ،تهدّده. وعَده بالعقاب، هَدَّدَهُ شَرّاً.

نفكر بهذا المنحى، في غمرة جنوح وعود الانتخابات عبر سيرورة ممتدة، بعد الوصول إلى زمن الوعد النبوي الشهير، الذي تجتمع فيه كل حصائل وامتدادات تدبير الحياة وفق منظومة دمقرطة السياسة العمومية. ولا بأس هنا من التذكير بهذا الوعد المحمدي القائل : (ستَأتي على الناسِ سُنونٌ خَدَّاعَةٌ يُصَدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصادِقُ ويؤتَمَنُ فيها الخائِنُ ويُخَوَّنُ فيها الأمينُ ويَنطِقُ فيها الرُّوَيبِضَةُ قيل وما الرُّوَيبِضَةُ قال السَّفِيهُ يتكَلَّمُ في أمرِ العامَّةِ)

وعلى الرغم من شمولية دلالة سفه الزمن ورداءته، الناتجة عن تصديق الكاذب ووتخوين الأمين، فإن سؤال ابتداع أساليب الخيانة وتسويغها على حسب صفة الأحداث وتغيرات الظروف، ظل ملازما لمعنى قيميا خالصا، يستجلي إمكانيات ثقافية جديدة وتأويلات قرائية لظروف وملابسات تقيدها حركية المجتمع وتفاعلاته مع القضايا الكبرى.

نستوعب جيدا هذه الدائرة الفارغة، التي تدور عليها فواعل التلبيس وتعمد الخلط. ونحاول اقتسام غضب التواجد إزاءه دون قدرة على التفكير، أو الاقتراب من كوة الاحتراق. لكننا نجد أنفسنا متلاشين تحت عجلات الزمن، بعد تراكم تغلي مراجله، كقاطرة تحاول إفراغ متلاشياتها، وهي عديمة القوى، منهارة مخنوقة بفعل الثقل وحصوات تعيق الخطى.

الذي يقع الآن، وعلى طول خط الاستعدادات الراهنة لاقتراع الثامن من شتنبر الجاري، هو مزيج بين سؤال القيم، وافتراقاته الثقافية والمجتمعية.

لا معنى للديمقراطية، دون تفكير في مستقبل أبنائنا.

لا معنى للديمقراطية، دون توقف طويل، لمعرفة من نحن، حتى نستطيع الاستمرار في إقامة منظومة ثقافية مجابهة لعالم التوحش واغتيال جوهر ألإنسان.

لا معنى لكل هذا الخراب، دون تغيير يؤسس لوعي مجتمعي يراكم تجربته في الفعل الديمقراطي، على أسس سليمة وعادلة.

فهل تظل الوعود في شريعة علاقاتنا بالسياسة وتدبير الشؤون العامة، مربوطة بغرائز الغوغاء وشذاذ الآفاق، وممتهني الفرص الغدارة؟

‏مقالات ذات صلة

Back to top button