
(كش بريس/ التحرير)ـ
تتصاعد المخاوف الإنسانية في مدينة غزة مع اتساع العملية البرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي، لتدفع مئات الآلاف من المدنيين نحو الجنوب في رحلة نزوح محفوفة بالخطر. وأمام هذا المشهد القاتم، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من “كارثة إنسانية متفاقمة” تهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال.
أطفال تحت النار والجوع
قالت المتحدثة باسم اليونيسف، تيس إنغرام، من مخيم المواصي جنوب القطاع، إن التهجير القسري والجماعي للعائلات يشكل “تهديداً قاتلاً للفئات الأكثر ضعفاً”، مضيفة: “من غير الإنساني أن يُطلب من ما يقرب من نصف مليون طفل، عانوا صدمات نفسية وعنفاً لأكثر من 700 يوم من الحرب، أن يفروا من جحيم إلى آخر”.
الأرقام الأممية تكشف حجم المأساة: منذ 14 أغسطس/آب وحده، نزح نحو 150 ألف شخص من مدينة غزة التي كان يقطنها نحو مليون نسمة، فيما يصف النازحون أوضاع المخيمات بالـ“بائسة”، لدرجة أن بعضهم عاد باتجاه مناطق القصف لعدم احتمال الاكتظاظ ونقص الخدمات.
مجاعة صامتة
سوء التغذية يتصدر قائمة الأخطار. أكثر من 26 ألف طفل في القطاع يحتاجون إلى علاج فوري من سوء التغذية الحاد، بينهم 10 آلاف في مدينة غزة وحدها. وتشير الفحوص إلى أن واحداً من كل خمسة أطفال خضع للكشف في أغسطس/آب يعاني من سوء تغذية حاد، وهو أعلى معدل مسجل حتى الآن.
الأزمة تفاقمت بعد إغلاق مراكز التغذية في المدينة هذا الأسبوع بسبب أوامر الإخلاء وتكثيف العمليات العسكرية، ما ضاعف معاناة الأسر. وتقول إنغرام إن بعض الأطفال لقوا حتفهم في مخيم المواصي أثناء محاولتهم جلب المياه، مؤكدة أن المدنيين “ليس أمامهم خيار جيد، فإما البقاء في الخطر أو النزوح إلى مكان يعلمون أنه خطر أيضاً”.
رحلة نزوح إلى المجهول
على الطريق الرئيسي خارج المدينة، شاهدت إنغرام أمّاً تُدعى إسراء تسير بأطفالها الخمسة الجائعين والعطشى، اثنان منهم حفاة، دون وجهة أو خطة، سوى أمل ضئيل في العثور على مأوى أو طعام. هذه القصة تختزل ملامح النزوح الجماعي: هروب بلا أفق، بحث يائس عن الأمان، وقلوب معلّقة بين الخوف والجوع.
تعهدات مشكوك فيها
في المقابل، يعلن الجيش الإسرائيلي أن النازحين سيجدون في منطقة المواصي “طعاماً وخياماً وأدوية”. لكن سوابق القصف لمناطق وصفت سابقاً بـ“الإنسانية” و“الآمنة” تثير شكوكا كبيرة حول هذه الوعود، وتزيد من حالة انعدام الثقة لدى السكان.