المجتمع

رحيل صاحب “خواطر ومشاهدات مقيم ـ مواطن” الباحث المغربي عزيز رزنارة

توفي صباح اليوم الأربعاء الباحث المغربي عزيز رزنارة الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في الإمارات العربية المتحدة التي أحبها وقضى زهرة عمره فيها، حتى ألهمته كتابا أصدره منذ بضعة شهور تحت عنوان “خواطر ومشاهدات مقيم ـ مواطن”، فكان الكتاب عربون وفاء لتلك البلاد ولوطنه معًا، وهدية قدمها لهما، وكأنه كان يعتزم الرحيل.
كان الباحث المغربي عزيز رزنارة قد حظي بتكريم من لدن حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على مشاركته في اللجنة العلمية لجائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي غير المادي.
والواقع أن رمزية التكريم لا تختص بذلك الحدث فحسب، بل كانت تتويجا وعرفانا بالجسور الثقافية التي ما فتئ الباحث المذكور يقيمها قيد حياته بين بلده المملكة المغربية وبين الإمارات العربية المتحدة، حيث كان يقيم ويعمل منذ حوالي ربع قرن.


ذلك أن عزيز رزنارة، من موقعه المميّز في “معهد الشارقة للتراث”، حرص على التعريف بالموروث المغربي، من خلال اقتراح أنشطة ثقافية واقتراح أسماء مختصّين للإسهام في الفعاليات الثقافية والتراثية والبحثية التي ينظمها المعهد، ولا أدلّ على ذلك من الأصداء الإيجابية التي خلّفتها الأيام التراثية المغربية في الشارقة، وكذلك الحضور المغربي اللافت للانتباه في ملتقى الراوي وأيضا في مهرجان الشعر الشعبي… الخ. ومن جهة أخرى، فإن شبكة العلاقات الثقافية القوية التي يتوفر عليها رزنارة كانت تتيح لعدد من المثقفين الإماراتيين، كل حسب تخصصه، المشاركة في عدة لقاءات بعدد من المدن المغربية.
وبالموازاة مع عمله الرسمي، وجد المثقفون المغاربة الذين يزورون الإمارات ضمن أنشطة ثقافية معينة في عزيز رزنارة نِعم السند والرفيق والمؤنس، إذ كان يخصص لهم ـ خارج وقت “دوام” العمل ـ الحيّز الكافي لاستقبالهم وإكرام وِفادتهم وتنظيم جولات لهم، بروح تطوعية تلقائية وبسخاء إنساني لا تكلّف فيه ولا منّة، حيث كان يتنسم من خلالهم “ريحة البلاد”.
فلا عجب، إذن، أن نجد الكثير من النقاد والأدباء والباحثين والفنانين المسرحيين وغيرهم ممن يحلون بالشارقة أو بدبي أو بأبو ظبي يحتفظون بذكريات طيبة مع عزيز رزنارة، ويثنون على ذلك الاحتفاء الذي يسبغه عليهم، ويدوّنون شهامة الرجل ونبله في صفحات التواصل الاجتماعي بالصور والكلمات. كما أن رزنارة لم يكن يتوانى في التعريف بالكتاب المغربي هناك؛ ويتذكر بعض أصدقائه كيف أنه تدخل شخصيا لدى ناشر إماراتي لتمكين أديب مغربي من نسخ من إصداره الجديد، وأرسلها له مع أحد أصدقائه من أبناء الوطن، وذلك بعدما اشترطت إدارة مكتب المطارات بالدار البيضاء على الأديب المغربي المومأ إليه أن يدفع مبلغا ماليا للحصول على نسخ كتابه الواردة من الشارقة، علمًا بأن الناشر تكلّف بمصاريف الشحن.
يضاف إلى ما سبق، أن رزنارة دأب على تخصيص مجموعة من تدويناته “الفيسبوكية” بلغة عربية رشيقة ـ رغم تكوينه العلمي في فرنسا ـ للتعريف بثقافة المغرب وهويته الحضارية وعاداته، وكثيرا ما يفصل القول في دلالات مفردات من العامية المغربية، أو في طقوس احتفالية تراثية أو في أسلوب العيش المغربي أو في ظواهر اجتماعية محددة بأسلوب رشيق وشائق، متوسلا بتقنية الحكي والاستفادة من التجربة الشخصية المعيشة ومن ثقافته الواسعة.
ومن ثم، فبحكم أياديه البيضاء في تقديم صورة إيجابية عن المغرب والمغاربة، لم يتردد مَن عرفوا عزيز رزنارة واحتكّوا به عن كثب في نعته بلقب “سفير الثقافة المغربية في الإمارات”.
الطاهر الطويل

‏مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كان سفير التراث والثقافة المغربية
    تعرفت من خلاله بشخصيات وقامات ثقافية مغربية
    تعلمت منه سحر التراث المغربي الاصيل
    كان صادقا ومخلصا وكريما في اعماله وتصرفاته
    الله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته.

Back to top button