فنون وثقافةلحظة تفكير

عبد الله العلوي: أمــيــن الحـسيني

في 1974 توفي الشيخ محمد أمين الحسيني أو مفتي الديار الفلسطينية كما اشتهر، وكانت جنازته مشهودة وترأسها الشهيد ياسر عرفات، وهناك خلاف في تاريخ مولده والأغلب يؤكدون كونه من مواليد 1895. والشيخ أمين لم يك رجل دين فقط، فهو خريج كلية الحرب بإسطنبول، وقد التحق بالجيش العثماني وكان ذلك قبل سقوط الخلافة العثمانية في 1922 وإلغاءها في 1923 من طرف كمال أتاتورك (أب الأتراك). وبعد حل الجيش العثماني انخرط في صفوف القوات التي عرفت بالثورة العربية الكبرى، وانتقل بعد ذلك إلى عدة بلدان عربية وأجنبية : مصر والعراق والشام وفرنسا، واعتقل عدة مرات خاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية 1944-1939 في فرنسا، وتدخل السلطان محمد الخامس 1927-1961 طيب الله ثراه لدى السلطات الفرنسية في 1947 مطالبا بإطلاق سراحه واستقباله بالمغرب، واستطاع المفتي الخروج من فرنسا بطريقة ما، والهجرة إلى لبنان وسوريا، حيث شارك في جميع الحركات العربية والإسلامية خاصة مناهضة قرار تقسيم فلسطين والهجرة اليهودية إلى فلسطين قبل ذلك.

لكن أهم مرحلة في حياة الشيخ الحسيني هي علاقاته بألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية ، ذلك أن الشيخ كانت له مراسلات عديدة مع القيادة الألمانية ومطالبته لهذه القيادة باحترام الدول العربية الإسلامية واستقلالها ومحاربة الصهيونية، وتوج كل ذلك باللقاء التاريخي بين أدولف هتلر والشيخ أمين الحسيني في: 28-11-1941، والذي استمر لحوالي ساعتين، وتعهد هتلر باحترام استقلال الدول العربية الإسلامية مقابل مساعدة الدول العربية التي كانت مستعمَرة آنئذ من طرف فرنسا / إنجلترا ، وبالتالي لم تك على عداء مع ألمانيا، بل أن كثير من المسلمين أطلقوا على القائد الألماني “الحاج هتلر” بعد لقائه الشيخ الحسيني المشهود في 1941، بل وتطوع البعض منهم في جيوش ألمانيا، وقد تم إنشاء إذاعة عربية من برلين كان نجمها يونس البحري الذي كان يدعو إلى مساندة ألمانيا ضد الغرب أي فرنسا وانجلترا، وترجم خطب هتلر إلى العربية حيث كانت تذاع في القسم العربي بإذاعة برلين، ومن أهم الملاحظات التاريخية عن هذه المرحلة أن أكثرية الدول ساندت الغرب ممثلا في باريس ولندن، وبعد ذلك واشنطن في حربهم ضد ألمانيا وإيطاليا واليابان، لكن الذين ساندوا ألمانيا كانوا قلة ومنهم الشيخ الحسيني الذي استشعر خطر تكوين كيان يهودي في فلسطين، وكان يرى المستقبل من خلال ذلك.

بقايا بيت مفتي القدس الحاج أمين الحسيني في قرية قالونيا المهجرة شمال غرب القدس

وكانت ألمانيا أيضا تحتاج بشدة إلى المساعدة العربية والشعوب الإسلامية التي تشكل ثقلا بشريا ونضاليا يمكنه المساهمة في مساعدة ألمانيا في حربها. ولما كانت ألمانيا بدون أعداء في العالمين العربي والإسلامي، بل العكس أن فرنسا وانجلترا كانتا الدول الأكثر كراهية في العالمين فيبقى مفهوما تحالف أمين الحسيني مع ألمانيا هتلر الذي كان يقول: «من لم يرى المستقبل فلا يستحق إلا الشفقة»، ولما كان التاريخ يكتبه المنتصرون فإن هذه المرحلة أي 1939-1944 تحتاج إلى دراسة متأنية بعيدة جدا عن ادعاءات الدراسات التي كتبها هؤلاء المنتصرون دون الرأي الآخر؛       

        *بـــاحــث 

‏مقالات ذات صلة

Back to top button