‏آخر المستجدات‏ذوي احتياجات ‏خاصة

رسالة مفتوحة لمديرة المطارات لقلالش: نزلنا من الطائرة بعكاكيزنا ولا كراسي متحركة ولا مرافقين ..

وجهت الكاتبة والصحافية المغربية المقيمة بفرنسا مريم أبوري، رسالة مفتوحة إلى المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات السيدة حبيبة لقلالش، تشتكي من خلالها، تعرضها هي وثمانية مغاربة آخرين ( مسنين ومسنات ومن الأشخاص في وضعية إعاقة )، لمعاملة سيئة من قبل مصالح مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، عند وصول طائرتهم القادمة من مدينة ليل الفرنسية على الساعة التاسعة ليلا .

ونعرض هنا الرسالة كاملة، كما توصلنا بنظير منها :

“سيدتي، كنت أتمنى أن أكتب لك رسالة مفتوحة أثمن فيها الخدمات التي يقدمها المكتب الوطني للمطارات الذي تترأسينه سيدتي ،ألكن للأسف اجد نفسي مجبرة وبغصة في قلبي ، وبآلام جسدية و نفسية كبيرة أعيشها منذ الأمس، آلام الإساءة لكرامتي تعرضت لها سيدتي في مطار محمد الخامس ، عند وصول الطائرة القادمة من مدينة ليل الفرنسية على الساعة التاسعة ليلا ، حيث تعرضت لها أنا و ثمانية مغاربة ومغربيات آخرين ( مسنين ومسنات ومن الأشخاص في وضعية إعاقة ).

سيدتي، أعتقد أنك تعرفين كم يكون مغاربة العالم فرحين لما يصلون إلى بلدهم بعد غياب عنه قد يفوق السنة ، فتلك الفرحة سيدتي التي كانت تغمرني وتغمر بدون شك باقي الأشخاص الذي تعرضوا لنفس الإساءة ، قد أجهضها سوء خدمة المساعدة المفروض توفيرها لنا كمسافرين يحتاجون لكراسي متحركة ولمرافقين في كل الإجراءات الإدارية .

سيدتي، بعد أن وصلت الطائرة ونزل كل المسافرين ، فعوض أن يأتي تسعة مرافقين ، جاء مرافق واحد، وبدون كراسي متحركة ، و( وضعنا) في المصعد المخصص للنزول من الطائرة بدون كراسي و كأننا أكباش ، حيث أننا كنا معرضين للإنزالق والسقوط، لأننا جميعا لا توازن لنا ، خصوصا أن أرضية المصعد قابلة للإنزالق، وعدم وجود كراسي به ، لأنه من المفروض أن نصعده بكراسي متحركة كما تعلمين ذلك سيدتي ، ولما بدأنا نحتج على هذا التعامل المهين لنا ولكرامتنا، أجابنا المرافق الوحيد لنا أن الكراسي غير موجودة، وأنه لا يوجد إلا هو كمرافق، وخيرنا بين أن ننقطع المسافة والإجراءات مشيا على الأقدام مستعنين بعكاكيزنا أو ننتظر مجيئ مرافقين آخرين، ولكن علينا أن ننتظر ،وكما قال لنا قد ننتظر أكثر من ساعة، ارتفع احتجاج بعضنا ، والبعض الآخر استسلموا و قرروا الذهاب بدون كراسي متحركة،رغم صعوبة المشي التي يعانون منها . أنا و سيدة و رجلان لم نتحرك من مكاننا ، وأصرينا على حقنا في معاملة تليق بنا كبشر ، وحقنا في مرافقة تحترم كرامتنا وإنسانيتنا ، وبعد أن صعدنا الاحتجاج على المرافق ( الذي لا حول ولا قوة له ، فهو المسكين لا يطبق إلا أوامر المسؤولين)، جاء مرافق أخر وحيد وبكرسي واحد ، ونحن أربعة، فكنت أكثرهم إعاقة، فأصروا جميعا رغم تعبهم وآلامهم أن أذهب مع هذا المرافق ، وذهب معنا شخص وهو يتكأ على الكرسي المتحرك الذي يحملنا لكي يستطيع المشي. وبقي الآخران الذين لا أعرف مصيرهما رغم أنني ألححت كثيرا على مرافقي أن يستعجل مسؤوليه لكي يرسلا مرافقين وكراسي متحركة لهما.

سيدتي، لم تتوقف الإهانة عند هذا الحد ، فبعد أن تمت الاجراءات الإدارية، و أخذ حقيبيتي، رفض مرافقي أن يخرجني إلى الخارج حيث توجد صديقتي وعائلتي في انتظاري، فتخيلي سيدتي كيف لسيدة في وضعية إعاقة، بعكازين و لها حقيبة سفر أن تخرج من باب المطار ،وتلتحق بالعائلة،.. تخيلي هذه الإهانة .. بغضب خنقني صرخت في وجهه، لأنه لا يريد أن يكمل واجبه وخدمته التي تقدمها جل المطارات في العالم ،وهي مرافقة الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين والقاصرين إلى أن تستلمهم أسرهم أو على الأقل أن تكون هناك قاعة انتظار ينتظرون فيها وصول العائلة. فبعد احتجاجي دفع الكرسي المتحرك بعصبية حتى خفت أن يسقطني ، وتركني خارج باب الوصول ، و قد ذبت بين العدد الكبير من الناس الذين ينتظرون المسافرين ، وقفت بعكاكيزي و حقيبتي بجانبي ، عاجزة عن الحركة، وخدمة الهاتف لم تصل لي لكي أتصل بعائلتي وصديقتي وأخبرهم بمكان وجودي ، الذين لم يروني ولم أراهم لشدة الزحام .

سيدتي …هذه اللحظات عشتها بمرارة ، مرارة استقبال بلدي لي بطريقة مهينة ، بلدي الذي تعذر علي زيارته ثلاث سنوات، وجئت وكلي فرح وابتهاج لزيارته هذه السنة، ومرارة الشعور بإحساس الإعاقة الذي نادرا ما يخالجني…إحساس بعجز و بإهانة وبقلة الحيلة في بلدي ..

الحمدلله تيسر لصديقتي والعائلة بالعثور علي بعد البحث كأنهم يبحثون عن تائه في بلد غريب ، وجدتني صديقتي فما أن عانقتني حتى أجهشت ببكاء ونحيب.. هو نحيب امتهان كرامتي التي هي ثروتي ..

سيدتي .. كتبت هذه السطور الطويلة وأنا لا أدري إن كانت ستصلك هذه الرسالة أم لا ، ولكنني كلي أمل أن تصلك وأن تقومين بتحسين هذه الخدمات.

سيدتي .. إنني أحب بلدي وسأبقى أحبه ما حييت، ولن تجعلني مثل هذه المواقف المهينة أن لا أرى التطور الذي يعرفه وأن لا أشيد بها ، لكن سيدتي ما وقع لي ولباقي الأشخاص الذين كانوا معي وتعرضوا لنفس الإساءة والإهانة، هذا يترك في النفس والقلب والروح جرحا كبيرا، كالجرح الذي يؤلمني منذ الأمس إلى هذه اللحظات التي أكتب هذه الشكاية ..أشكو فيها لك سيدتي …أنني أهنت في مطار محمد الخامس الذي أنت مديرة مكتبه ، وكلي أمل أن ترجعي لي بعض من كرامتي.. بمحاسبة المسؤول عن سوء تدبير هذه الخدمات وبأن تقومي سيدتي بتحسينها.

في انتظار جوابا منك سيدتي ..تقبلي مني كل الاحترام والتقدير .

*مريم أبوري

مواطنة من مغاربة العالم

من الأشخاص في وضعية إعاقة

‏مقالات ذات صلة

Back to top button